حيث علم احتياج إقليم كذا إلى حاكم شرعى ينظر فى الأحكام الشرعية، والقضايا الدينية والأموال، والجسور السلطانية والبلدية، وذلك لازم مهم، فقد وقع اختيارنا على فلان فى نيابة القضاء بالإقليم، لما هو مشتمل عليه من العفة، والديانة، والإستقامة، والمعرفة، والعلم بالصناعة، وأمرنا بتوجهه للقضاء المذكور، وإجرائه على أجلّ العوائد، وأكمل القواعد، وأكدنا عليه فى اتباع رضا الله تعالى سرا وعلانية، وعدم الخروج عن الشريعة المحمدية، والقوانين المعتبرة المرضية، والحكم بأصح الأقوال، ونصب الأوصياء، وتزويج الصغار الذين لا أولياء لهم، ونصب النوّاب والشهود، والنظر فى جميع المصالح على هذا المنوال، على وجه التفصيل والإجمال، على عادة من تقدمه، وذلك بطريق العدل والإنصاف، فيقدم عليه كل واقف بالإجمال فى تلقيه، وسماع كلمته فى تنفيذ أحكام الشرع الشريف من غير تبديل ولا تحريف، ولا يتصرف أحد فى قضاء ولا حكم إلا بمعرفته وتفويضه، ومن خالفه فى شئ من القضايا فلا يلومن إلا نفسه.
وفيه أيضا أنه كان المقرر بمقتضى الأوامر الشريفة فى قانون القسام بمصر أنه إذا توفى إنسان، وليس فى ورثته قاصر ولم يطلبوا القسام، فلا يطالبهم القسام بقسمة بغير سؤالهم ولا بغير رضاءهم، فإذا كان فى الورثة قاصر فيبعث وصيا من قبل الشرع الشريف، ويكتبه له حجة، ويأخذ رسمها خاصة، ولا يأخذ قسمة، وإذا طلب أحد من الورثة القسام للقسمة، فيأخذ القسام على كل ألف عثمانى خمسة عشر عثمانيا، وإذا قوّم على الورثة عروضا أو عقارات، فلا يقوم بزيادة عن القسيمة لأجل زيادة الرسم، ولا يأخذ من الحجة والسجل الدرهم الفرد كما هو القانون.
[(درجات قضاة أقاليم مصر)]
وكانت القضاة فى الأقاليم درجات أعظمهم قضاة المديريات البحرية والثغور، وهم قاضى الغربية، والدقهلية، والشرقية، والقليوبية، والمنوفية،