كاتب السر، وأمامه ناظر الجيش، وجماعة الموقعين المعروفين بكتاب الدست وموقعى الدست على هيئة دائرة، والأمراء واقفون.
[قوانين البلاد وذكر السياسة]
فلما صار أغلب رجال الدولة من التتر غلبت قوانين التتر على قوانين البلاد، ودخلت شرائعهم هذه البلاد، وسمع باسم السياسة، ومن وقتئذ خلط الحق بالباطل، ومزج الحسن بالقبيح، وبعد أن كانت الأحكام تبت على مقتضى الشريعة المطهرة قسّمت إلى سياسية وشرعية، ففوّض لقاضى القضاة كل ما يتعلق بالأمور الدينية، من الصوم والصلاة، وأمر الأوقاف والأيتام، والنظر فى الأقضية الشرعية، كالديون والزوجية، وجعلوا لأنفسهم فى أقضيتهم قوانين رجعوا فيها إلى أصول جنكز خان، التى تسمى «الياسة»، واقتدوا بحكمها، فنصبوا الحاجب ليقضى بينهم بها فيما اختلفوا فيه، والأخذ على يد القوى وإنصاف المظلوم، على مقتضى ما فى «الياسة».
و «الياسة»، كلمة مغلية، حرّفها الناس، فزادوا فيها سينا، فقالوا «السياسة»، وهى عبارة عن قوانين الأحكام التى وضعها جنكز خان، بعد أن صار ملكا، ونقشها على صفائح الفولاذ، وجعلها شريعة لقومه، فالتزموها.
ومع هذا فقد جدّ الكثير منهم فى اتساع نطاق الثروة والرفاهية، وكثرت فتوحاتهم، وانتشر صيتهم، واتسعت مصر بكثرة الوافدين، وعمرت أطرافها، وحدثت بها دروب وحارات وأسواق، لبيع ما يحتاج إليه.
[أسواق الأسلحة والملابس]
فحدثت سوق السلاح محل الخردجية الآن، وسوق المهاميز، وكان يباع بها المهاميز من الذهب والفضة والمكفت، والبدلات التى برسم لجم الخيل، وكان أغلبها مجراة بالمينا، وسوق الشرابشيين نسبة إلى الشربوش (وهو ما يوضع على الرأس شبه التاج، مثلث الشكل، يلبسه السلطان لمن يرقيه إمرة) ومحله الآن الشرم والجملون، وكان يباع فيه أيضا الخلع التى يلبسها السلطان للأمراء، والوزراء وغيرهم.
[ذكر الملابس]
كان السلطان والعسكر يلبسون على رؤوسهم الكلوتة بدل العمامة، وكانت العادة أن تكون صفراء مضربة تضريبا عريضا، ولها كلاليب، ويضفرون شعورهم، ويرسلونها بين