للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من النحاس، وفى دائر صحنه اثنا عشر عمودا من الرخام وبه حنفية من الرخام وبزابيزها من النحاس الأصفر، وهو معلق وتحته حوانيت من وقفه ومطهرته بالأرض من داخل الحارة، وله منارة مرتفعة حسنة الوضع، وشعائره مقامة دائما، وفيه بسط مفروشة ويلحق به سبيل يعلوه مكتب، وبمزملته أربعة حيضان من الرخام عليها شبابيك من النحاس.

ولما أتم بناءه وقف عليه أوقافا ورتب له ما يقيم شعائره الإسلامية؛ فجعل له إماما وخطيبا ومرقيا ومؤذنين وفراشين ووقادين وبوّابين ونحو ذلك مما يرتب للمساجد العظيمة وصار معمورا بالجماعات والجمعة والعيدين مع ازدحام المصلين فيه، وهو إلى الآن فى غاية من العمارية وإقامة الشعائر.

[ترجمة السلاحدار]

والسلاحدار المذكور هو كما فى عدّة مواضع من الجبرتى: الأمير الكبير سليمان أغا السلاحدار تربى فى خدمة العزيز جنتمكان محمد على وخدم فى عدة وظائف، وترقى حتى كان جوقد اريا ثم صار سلاحدارا واشتهر أمره وانتشر صيته وصار من ذوى الحل والعقد وازدادت قوّته وتجبره حتى صار داهية عظمى ومصيبة كبرى، فإنه تسلط على بقايا المساجد والمدارس والتكايا التى بالصحراء ونقل أحجارها إلى داخل باب البرقية المعروف بالغريب، وكذلك ما كان جهة باب النصر وجمع أحجارها خارج باب النصر وأنشأ جهة خان الخليلى وكالة وجعل بها حواصل وطباقا وأسكنها نصارى الأروام والأرمن بأجرة زائدة أضعاف الأجرة المعتادة وكذلك غيرهم ممن رغب فى السكنى، وفتح بها بابا يخرج إلى وكالة الجلابة الشهيرة التى بالخرّاطيين لأنها بظاهرها وأجر الحوانيت كذلك؛ فكانت أجرة الحانوت فى الشهر ثلاثين قرشا بعد أن كانت ثلاثين نصفا، والعجب فى إقدام الناس على ذلك وإسراعهم فى استئجارها قبل فراغ بنائها مع ادعائهم قلة المكاسب ووقف الحال، ثم هم أيضا يستخرجونها من لحم الزبون وعظمه، ثم أخذ بناحية باب النصر مكانا متسعا يسمى حوش عطى - بضم العين وفتح الطاء وآخره ياء تحتية - كان محطا لعربان الطور ونحوهم إذا وردوا بقوافلهم بالفحم وغيره وكذلك أهالى شرقية بلبيس، فأنشأ فى ذلك المكان أبنية عظيمة تحتوى على خانات متداخلة وحوانيت وقهاو ومساكن وطباق وسكن غالبها أيضا الأرمن وخلافهم بالأجرة الزائدة، ثم انتقل إلى جهة خان الخليلى فأخذ الخان المعروف بخان القهوة وما حوله من البيوت والأماكن والحوانيت والجامع المجاور لذلك، وكان عامرا تصلى فيه الجمعة؛ فهدم ذلك جميعه وأنشأ