وفى السنة المذكورة توقف النيل، وغلت الأسعار، إلى أن بلغ الإردب القمح، ألف درهم.
وفى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة توفى السلطان خشقدم بمرض كان قد أصابه، ودفن فى تربته، التى أنشأها بالصحراء.
وكانت مدته ست سنين ونصف سنة، ولم يحصل فيها تجاريد ولا طاعون، وسكنت فيها الفتن، وكان كفئا للسلطنة، طاهر الذيل، لكنه كان سريع العزل للقضاة والمباشرين، وأخذ أموالهم بغير حق، وهو آخر من مشى على النظام القديم من الملوك.
***
[تولية السلطان أبى النصر بلباى المؤيدى]
ثم تولى بعده السلطان أبو النصر سيف الدين بلباى المؤيدى الجركسى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، ولقّب بالملك الظاهر، فأقام بها شهرا وستة وعشرين يوما، وهو آخر المؤيدية، وكان قبل ذلك أتابكى العساكر، فلما تسلطن جعل الأتابكية للمقر السيفى تمربغا.
وكان السلطان بلباى عاجز الرأى، قليل المعرفة، وجعل تدبير الأمور لخير بك الدوادار، فأشار عليه بالقبض على جماعة من أمراء الدولة، وإرسالهم إلى سجن الإسكندرية، فلما فعل ما أشار به حنق الأمراء من ذلك، وقاموا على السلطان، فقبضوا عليه، وخلعوه، وأرسلوه إلى سجن الإسكندرية.
وكان خشنيا، قليل المعرفة بأمور السلطنة، وكان يدعى «بلباى المجنون».
[تولية السلطان أبى سعيد تمربغا]
وتولى بعده السلطان أبو سعيد تمربغا الظاهرى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، ولقّب بالملك الظاهر، فأقام بها شهرين إلا يوما، وخلع وذلك أنه فى تلك المدة القليلة أراد مصادرة الأمراء للنفقة على العسكر، فقاموا عليه، وخلعوه، وسلطنوا خير بك، فأقام ليلة فى فرح وكان الأتابك قايتباى فى الربيع، فحضر وحاصر القلعة، وبعد قليل انتصر، وقبض على جملة من الأمراء، وأرسلهم إلى ثغر الإسكندرية، وقبض على السلطان، وأرسله غير مقسّد إلى دمياط.