وعليه من نواحى الوايلى الكبرى والخصوص وسرياقوس والخانكة وأبى زعبل، ورى أرض تلك النواحى فى زمن النيل منه، وفى كل سنة عند بلوغ النيل ستة عشر ذراعا، يعمل مهرجان جبر الخليج، ولكن شتان بين ما هو الآن وما كان فى الأزمان القديمة، وأهل القاهرة تعده من أيام أفراحها المشهورة، ولذلك تراهم اضطربت أفكارهم، وتكدرت قلوبهم، لمّا تواتر القول بردم الخليج؛ بسبب ما يلقى فيه من القاذورات، لكن لو ملئ دائما بالماء، وشدد فى منع إلقاء القاذورات به لبقى لأهل البلد فرحها الذى ألفته من قديم الزمان، وتضاعفت منافع أهلها وأهالى الضواحى، وكثرت البساتين داخل البلد وخارجها، وتحسنت محاصيل أربعة عشر ألف فدان، لا يتحصل منها الآن إلا بعض ما يمكن تحصيله منها، لو جرى الماء فى الخليج صيفا وشتاء.
وفى الغالب أنه متى تمت القناطر الخيرية، وارتفع بعد قفلها سطح ماء النيل لا يعسر دخول الماء إلى الخليج بمقدار تعينه الهندسة، ونحن على يقين من أن جل أفكار الحضرة الفخيمة الخديوية هو اتساع دائرة المنفعة العمومية، وترجيح ملئه بالماء وبقائه؛ ليبقى هذا الأثر ناطقا بفضله وكرمه لمن يأتى بعدنا، كما أنه هو أثر نطق لنا بما مر على مصر من نحو أربعة آلاف سنة.
[(ترعة البرزخ وحوادثها)]
لا يخفى أن ترعة البرزخ الواقعة بين السويس ومدينة بورت سعيد هى أهم مسائل الوقت؛ لكونها صارت الطريق العام لجميع تجارة العالم، ومعلوم أن التجارة هى أساس السعادة عند الأمم، فدرجة أهميتها عند كل أمة تكون بالنسبة لدرجة تجارة تلك الأمة.
فالدولة التى هى أكثر تجارة أو التى قوام حياتها التجارة، تنظر إلى ترعة البرزخ بنوع خصوصى لا يشبه نظر غيرها لها، وتصونها بجميع قوّتها من عوارض الخلل، وطوارئ الحوادث، وتجعل للبلاد الواقعة فيها الأهمية التى جعلتها لها، وتلحظها بعين الملاحظة والمراقبة، التى تلحظ بها ترعة البرزخ؛ لأجل