ويظهر من هذا الجدول أن مزية الانتفاع بالأغراب لم تكن قاصرة على بعض القطر، بل كانت عامة فى جميع نواحيه عائدة على طوائف أهاليه.
ولا شك أن هذه المنقبة ليست إلا للحضرة الخديوية فإنها هى التى مهدت طرق هذا الغرس، وهيأت ما به نجاحه فكان ذلك منى جملة دواعى زيادة رغبة الدول المتحابة فى تمكين العلائق بينها وبين مصر، ونشأ عن ذلك شهرة الديار المصرية حتى طار صيتها فى جميع الآفاق وانعقد على فضلها الاتفاق.
وحيث كان من أسباب هذه السعادة ما أحدثته الهمم الخديوية والأفكار الإسماعيلية مما يضيق الوقت عن ضبطه وإحصائه، ويعجز القلم عن تقييد بعضه فضلا عن استقصائه، فمن الواجب أن نتكلم على المهم منها فنقول:
[الفصل الأول فى إسكندرية]
قد علم مما سبق أن مدينة إسكندرية كانت لم تزل كل سنة تزيد فى العمارة، ولما جلس الخديوى على التخت كان قد بلغ تعداد أهلها قريبا من مائة وسبعين ألف نفس، وبسبب ضيق أرضها على سكانها كان قد ابتدأ كثير من الناس، فى آخر زمن المرحوم سعيد باشا، فى السكنى جهة الرمل، الواقع فيما بين إسكندرية وأبى قير، فرخص لبعض الناس فى بناء منازل خارج الأسوار فى المناطق العسكرية التى كان الناس لذلك الوقت ممنوعين من البناء بها، على حسب القوانين العسكرية المقررة من زمن المرحوم محمد على باشا، فاتسعت المدينة وكثر سكانها حتى بلغ عددهم سنة ١٨٧٢ ميلادية ٢١٢٠٤٣ نفسا، من ضمنها ٤٧٣١٦ أغراب من ملل مختلفة.