وذكر المقريزى أيضا أنها كانت من جملة أرض الطبالة، وعرفت ببركة الطوابة أيضا من أجل أنه كان يعمل فيها الطوب، فلما حفر الخليج الناصرى التمس الأمير بكتمر الحاجب من المهندسين أن يجعلوا حفر الخليج على الحرف إلى أن يمر بجانب بركة الطوابين هذه، ويصب من بحرى أرض الطبالة فى الخليج الكبير، فوافقوه على ذلك ومر الخليج من ظاهر هذه البركة كما هو اليوم، فلما جرى ماء النيل فيه روى أرض البركة، فعرفت ببركة الحاجب فإنها كانت بيد الأمير بكتمر الحاجب المذكور.
وكان فى شرقى هذه البركة زاوية بها نخل كثير، وفيها شخص يصنع الأرطال الحديد التى تزن بها الناس، فسماها الناس بركة الرطلى نسبة لصانع الأرطال. وبقى محل الزاوية قائما بالبركة إلى ما بعد سنة تسعين وسبعمائة، فلما جرى الماء فى الخليج ودخل منه إلى هذه البركة عمل الجسر بين البركة والخليج، فحكره الناس وبنوا فوقه الدور، ثم تتابعوا فى البناء حول البركة حتى لم يبق بدائرها خلو، وصارت المراكب تعبر إليها من الخليج الناصرى، فتدورها تحت البيوت وهى مشحونة بالناس، فيمر هنالك للناس أحوال من اللهو يقصر عنها الوصف وتظاهر الناس فى المراكب بأنواع المنكرات من شرب المسكرات وتبرج النساء الفاجرات، واختلاطهن بالرجال من غير إنكار، فإذا نضب ماء النيل زرعت البركة بالقرط وغيره، فيجتمع فيها من الناس فى يومى الأحد والاثنين عالم لا يحصى لهم عدد، إلى أن قال: وفى سنة ست وثمانمائة تلاشى أمرها. (انتهى).
[[أرض الطبالة]]
(قلت): وأرض الطبالة المذكورة هى الأرض الكائنة بحرى القاهرة التى يحصرها الخليج الكبير والترعة الإسماعيلية وسور القاهرة وجامع أولاد عنان، وقد عمرت الآن بالمبانى المشيدة، والقصور النضرة، والشوارع والحارات المنتظمة. وفى سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف جعل بها فنارات الغاز، وصارت بذلك من أحسن الجهات، وعمّا قليل لا يوجد بها فضاء ألبتة، لرغبة الناس فى البناء هناك لطيب هوائها عن داخل القاهرة.
وأما الجهة اليسرى من شارع الدشطوطى المذكور فيها:
حارة القطانيين، وهى حارة كبيرة بداخلها خمس عطف وهى:
عطفة لطفى، وعطفة الدودة، والعطفة الصغيرة، وعطفة الرحبة، والعطفة الأخيرة