[مطلب تاريخ قيام السلطان سليم من العباسية إلى القاهرة]
وهكذا كان الأمر إلى أن حصلت وقعة الغورى مع السلطان سليم، ومات الغورى، وملك السلطان سليم مصر بعد كسرة الأمراء المصريين، ونقل وطاقه أولا من بركة الحج إلى الريدانية (العباسية)، ثم نقله إلى بولاق، ونصبه من تحت الرصيف إلى آخر الجزيرة الوسطى - التى هى اليوم جزيرة العبيط ومنها سراية الإسماعيلية - وكانوا أحضروا له مفاتيح القلعة ليقيم بها، فاختار الإقامة بساحل النيل، وقام من العباسية يوم الاثنين ثالث المحرم سنة تسعمائة وثلاث وعشرين، ودخل القاهرة من باب النصر، وشقّ المدينة فى موكب حافل وقدّامه الجنائب المسوّمة الكثيرة العدد، والعساكر المتراكمة ما بين ركبان ومشاة حتى ضاقت بهم الشوارع، واستمرّ سائرا حتى دخل من باب زويلة، ثم عرّج على تحت الربع، وتوجه من هناك إلى بولاق، ونزل فى الوطاق.
وفى مروره ارتفعت له الأصوات بالدعاء من حين دخوله من باب النصر إلى نزوله بالوطاق ببولاق.
وفى عشرين من الشهر طلع إلى القلعة، ومرّ من قناطر السباع والصليبة فى موكب حافل رجّت له القاهرة. وقبل طلوعه أصدر أمره بتخلية البيوت من أصحابها، فأخلوها جميعا، وأقام بها العساكر.
ولم يقم غير قليل، ونقل وطاقه إلى بولاق ثم إلى إنبابة، ثم رجع إلى بولاق.
وفى ثمانية وعشرين من الشهر توجه إلى الجامع الأزهر، فصلى به الجمعة، وشق من باب الخلق، ودخل من باب زويلة، وتوجه إلى الأزهر، وزينت له القاهرة، ورجع من الطريق عينه.
وكان دخوله ورجوعه بموكب حافل، وكان قد انتقل إلى المقياس، وأقام به، ثم انتقل منه، وسكن فى بيت السلطان الأشرف الذى خلف حمام الفادقانى (حمام الألفى).
ثم فى الثالث والعشرين من شعبان خرج إلى السفر بعد أن أقام ثمانية أشهر، فخرج من البيت المذكور، وشقّ من الصليبة، وطلع إلى الرميلة فى موكب حافل، وقدّامه ملك الأمراء خير بيك نائب حلب، وجان بردى الغزالى نائب الشام، وقدّام العسكر طبول ومزامير، وعدة جنائب حربية، وكان السلطان راكبا على بغلة صفراء عالية قيل إنها من بغال السلطان الغورى، كان يركبها فى الأسفار، وكان عليه قفطان مخمل أحمر، وقدّامه جماعة من الوزراء، منهم يونس باشا والاقبدار، وبقية الأمراء والوزراء، والجمّ الغفير من عساكره،