لتصحيح الكتب الطبية، وخصصت منها بتصحيح كتب الأجزأجية، ومكثت على ذلك حتى اجتمعت بأبرع أصل زمانه، حذاقة وفهمها، وأذكى أهل عصره صناعة وعلما، معلم الكيمياء، الحكيم بيرون الفرنساوى، وقرأ عليّ كتاب كليلة ودمنة، باللغة العربية، فذكرت له بعض ما عاينته فى أسفارى من العجائب، فحملنى على أن أزين وجه الدفتر، بإيضاح ما شاهدته، فامتثلت أمره لما له علىّ من اليد البيضاء، ورأيت أن ذلك أجمل بى أيضا لقول صاحب المقصورة
وإنما المرء حديث بعده … فكن حديثا حسنا لمن وعى
اهـ. مختصرا.
[(وادى بحر بلاما)]
هذا الموضع واقع فى غربى وادى هبيب، ولا يفصله عنه غير جسر خفيف من الرمل، وبينه وبين ديورة وادى هبيب، نحو نصف ساعة، وهذا البحر متسع يبلغ ما بين شاطئيه، نحو ثلاثة فراسخ، وقد قذفت الرياح فيه كثيرا من الرمل، لكنه مع ذلك ظاهر وشواطئه واضحة، وهو أقحل خال من الماء والعيون، وقد شاهد فيه السياحون كثيرا من الأشجار المستحجرة، منها ما يبلغ ارتفاعه ثمان عشرة خطوة، وبعضها تم تحجيره، والبعض لم يتم، وشوهد به أيضا سمك مستحجر، وقد استنتج كثير من العلماء من هذه العلامات، مع وجود كثير من الصخور والأحجار الكبيرة والصغيرة، التى لا توجد إلا فى الجهات القبلية، أنه كان بين هذا المحل، وبين النيل اتصال، وأن ماء النيل جرى فى هذا الوادى، ومن يتتبع اتجاهه يجده منتهيا عند الفيوم، ويكون خط مريوط عن يمينه من الجهة البحرية، وهذا الوادى هو طريق العرب الذاهبة إلى الجهات القبلية.
وقال بعض علماء الإفرنج: إن بحيرة مريس التى هى خزان الفيوم، كانت آخر هذا الوادى من الجهة القبلية، ثم انفصل عنها بسبب الإهمال، وتوالى الحوادث، وهذا على ما ذهبوا إليه، من أن بحيرة مريس هى بركة القرن، وأنكر كثير من العلماء ذلك، وقد بينا تفاصيل هذه المسألة عند ذكر بحيرة مريس فى /الفيوم فليراجع.