اطلع خديوى مصر على ذلك حكم على هذا الناظر والنجار الذى خلعه بالنفى إلى البحر الأبيض فمات الناظر هناك، ثم أمر الخديوى بتجديد الجامع فاستجد سنة ألف ومائتين وتسع وثمانين وأقيمت شعائره.
ومطهرته بمرافقها فى الجانب الآخر من الشارع وقد جعلت لها مجراة بماسورة تحت الأرض تجلب لها الماء من مجراة الوابور الجالب لماء النيل إلى القاهرة، وكانت له ساقية ارتدمت قبل ذلك وبقيت على حالها وبداخله ضريح منشئه عليه مقصورة من الخشب.
[جامع سيدى شاهين الخلوتى]
هذا المسجد بسفح المقطم مرتفع الأرضية يصعد عليه بمزلقان ومنقوش على بابه فى الحجر: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)﴾ الآية (١). أنشأ هذا الجامع ووقفه العبد الفقير إلى الله تعالى جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله تعالى الشيخ جاهين الخلوتى افتتاح سنة خمس وأربعين وتسعمائة، /انتهى.
وبه أربعة أعمدة من الحجر وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف يكتنفها عمودان من الرخام ومنبر خشب ودكة قائمة على عمود من الرخام.
[ترجمة الخلوتى]
والخلوتى هذا هو الشيخ شاهين المحمدى المترجم فى طبقات الشعرانى بأنه أحد أصحاب سيدى عمر الروشنى بناحية توريز العجم. كان من جند السلطان قايتباى ومقربا عنده فسأله أن يخليه لعبادة ربه ففعل وأعتقه، فساح إلى بلاد العجم وأخذ عن شيخه المذكور ثم رجع إلى مصر، فسكن الجبل المقطم وبنى فيه معبدا وحفر له فيه قبرا ولم يزل مقيما به لا ينزل إلى مصر نحو ثلاثين سنة.
وكان له الشهرة العظيمة بالصلاح فى دولة بنى عثمان وتردد الأمراء والوزراء لزيارته ولم يكن ذلك فى مصر لأحد فى زمنه، وكان كثير المكاشفات قليل الكلام جدا تجلس عنده اليوم كاملا لا تكاد تسمع منه كلمة، وكان كثير السهر متقشفا فى اللبس معتزلا عن الناس إلى أن توفاه الله تعالى سنة نيف وتسعمائة رضى الله عنة انتهى.