ولما جدد الأمير يلبغا السالمى الجامع الأقمر وعمل له منبرا وأقيمت به الجمعة، ألزم صوفية هذه الخانقاه أن يصلوا الجمعة به، فلما زالت أيامه تركوا ذلك ولم يعودوا إلى الاجتماع بالجامع الحاكمى أيضا.
ولم يكن بهذه الخانقاه مئذنة، والذى بنى مئذنتها شيخ تولى مشيختها سنة بضع وسبعمائة يعرف بشهاب الدين أحمد الأنصارى، وكان الناس يمرون فى صحنها بنعالهم، فجدد أحد الصوفية شهاب الدين أحمد العثمانى هذا الدرابزين وغرس فيه أشجارا، وجعل عليها وقفا لمن يتعاهدها للخدمة. انتهى. وهى الآن لا مئذنة لها.
وفى الضوء اللامع للسخاوى: أن الأمير تغرى بردى بن بلباى الظاهرى القادرى الحنفى الخازندارى عمر مدرسة سعيد السعداء، وغير كثيرا من معالمها، وعمر مطهرتها، وغير بابها وصار بهجا، وعمر جل أوقاف سعيد السعداء. كالحمام، وجدد لها أشياء.
[ترجمة تغرى بردى بن بلباى الظاهرى]
وكانت ولادة تغرى بردى المذكور قبيل الثلاثين والثمانمائة، واشتغل بالعلم وكان يتحفظ القرآن باللوح حتى بعد ترقيه، وخدم الأشراف القادرية وأمثالهم وتزوج منهم واحدة بعد أخرى، فلما استقر يشبك من مهدى فى الدوادارية وكان صاحب الترجمة أسن منه-بل هو أغاته-قدمه لخازنداريته وتولى عمائره وكثيرا من جهاته، وجدد أشياء أو كملها كجامع الخشابين، والجامع المقارب له والمقابل لدرب الركراكى من المقس، وجامع بالكبش، وزاوية شرف الدين بالحسينية والمشهد النفيسى، ومشهد غانم بسويقة اللبن.
وكان له/تؤدة وعقل وعدم طيش وتواضع وأدب، وتكلم فى البيبرسية وفى الأستدارية مع التنصل والاستعفاء. ونديه السلطان لعمارة مطهرة الجامع الأزهر فجاءت بهجة، وجامع سلطان شاه، وله فى الجامع الغمرى والكاملية اليد البيضاء.
وتزاحم كثير من مجاورى الأزهر ونحوهم على بابه، ونزل كثير من مستحقيهم فيما تحت نظره من التصوفات، وقرر فى مشيخة البيبرسية كمال الدين الطويل بعد الجلال البكرى، وكثيرا ما كان يتفقد المنقطعين من العلماء ونحوهم، ويبادر للوقوف على غسلهم ويساعد فى تجهيزهم. وتكلم فى جهات أمير المؤمنين المتوكل من بلاد وغيرها، حتى المشهد النفيسى بسؤال منه له وأذن السلطان فيه، ففرض له فى كل يوم من متحصلها أربعة دنانير، والباقى يرصد لوفاء الديون، ولا زال فى كدر وضرر ومرافعات ومدافعات إلى أن تغيب، بعد أن مل وتعب. رحمه الله تعالى انتهى.