وفى المقريزى عند ذكر مساجد القرافة الكبرى بمصر أنه نشأ من إطفيح فى القرن الخامس من الهجرة رجل يقال له: وحاطة بن سعد الإطفيحى، شيخ له سمت، وقد كتب الحديث فى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وما قبلها، وسمع من الحباك وهو فى طبقته، وهو رفيق الفراء وابن مشرف وابن الحظية وأبى صادق، وسلك طريق أهل القناعة والزهد والعزلة كأبى العباس بن الحظية، وكان له مسجد فى البطحاء بحرى مجرى جامع الفيلة إلى الشرق يقال: له مسجد الإطفيحى.
وكان الأفضل الكبير شاهنشاه صاحب مصر قد لزمه واتخذ السعى إليه مفترضا والحديث معه شهوة وغرضا لا ينقطع عنه، وكان فكه الحديث قد وقف من أخبار الناس والدول على القديم والحديث وقصده الناس لأجل حلول السلطان عنده لقضاء حوائجهم فقضاها، وصار مسجده موئلا للحاضر والبادى وصدى لإجابة صوت النادى، وشكا الشيخ إلى الأفضل تعذر الماء ووصوله إليه فأمر ببناء القناطر التى كانت فى عرض القرافة من المجرى الكبيرة الطيلونية، فبنيت إلى المسجد الذى به الإطفيحى، وأنفق عليها خمسة آلاف دينار، وعمل الإطفيحى صهريج ماء شرقى المسجد عظيما محكم الصنعة وحماما وبستانا كان به نخلة سقطت بعد سنة خمسين وخمسمائة، وعمل الأفضل له مقعدا بحذاء المسجد إلى الشرق وقاعة صغيرة مرخمة إذا جاء عنده جلس فيها وخلا بنفسه واجتمع معه وحادثه،