للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(المقياس فى مدة اليونان)]

بعد أن طرد إسكندر الأكبر الفرس من أرض مصر، وأمر بإنشاء مدينة الإسكندرية لم يقم بالديار المصرية إلا قليلا فلم يشتغل بتراتيبها الداخلية والمالية، وبعد موته وكان فى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة قبل الميلاد تقاسمت رؤساء جيوشه مملكته الواسعة، فوقعت مصر فى نصيب [بطلميوس بن لاجوس الملقب «سوتير»] (١) سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة وصارت حكومة مستقلة به؛ فأحسن حالها وأجرى تراتيبها ونظامها، وفى سنة خمس وثمانين ومائتين قبل الميلاد ألحق بنفسه ولده الملقب «فيلادلفوس» وأشركه معه فى الحكومة، وقد تحقق أنه ومن تبعه من البطالسة اعتنوا بأمر مقياس النيل واجتهدوا فى إبقاء الموجود من المقاييس، وأنشأوا مقاييس جديدة، منها مقياس مدينة أرمنت المعروفة قديما باسم «هيرمونيس»، ومقياس جزيرة أسوان الذى قد بنى بقرب معبد كنوفيس على ما ذكره استرابون الذى ساح الديار المصرية فى زمن أغسطس قيصر الروم فى قريب من السنة الرابعة عشرة من الميلاد، وبناء على قوله كان على المقياس المذكور علامات الفيضان الأعظم، والمتوسط، والأصغر، وكان خدم المقياس تعلن وقت الزيادة بالنداء، لأجل أن يكون فى علم الجميع ويتحصل للحكام إمكان توزيع المياه، وحفظ الجسور وتطهير الخلجان، ومقدار الأموال فى كل جهة؛ لأن الأموال كانت تزيد فى السنين التى يتم فيها الفيضان وتنقص مع نقصه، وكان غير ذلك فى المدينة المعروفة قديما باسم «المقدّسة لوسين» المعتقدة فى تخليص النساء من الحمل، والآن تعرف من الأقاليم القبلية باسم «الكعب»، مقياس مستعمل فى زمن البطالسة، وإلى الآن يوجد فى خراب هذه المدينة أثر حوض مستطيل الشكل فالظاهر أن المقياس كان فيه.


(١) بطليموس لا جوس الملقب «سوتير». كذا فى الأصل. والمثبت بين الحاصرتين هو الصحيح. انظر:
إبراهيم نصحى: تاريخ مصر فى عهد البطالمة، ج ١، ص ٥٠ - ٥١، ط. الثانية، القاهرة ١٩٦٦.