ويؤخذ من كلام المقريزى أيضا أن القرية المعروفة بأم دنين كانت فى خطة هذا الشارع، وكانت تعرف بالمقس أيضا، لأنه قال عند الكلام على المقس: اعلم أن المقس قديم، وكان فى الجاهلية قرية تعرف بأم دنين، وهى الآن محلة بظاهر القاهرة فى بر الخليج الغربى، وكان عند وضع القاهرة هو ساحل النيل، وبه أنشأ الإمام المعز لدين الله أبو تميم معد الصناعة يعنى المكان الذى قد أعد لإنشاء المراكب البحرية التى يقال لها السفن الحربية التى يقال لها الأسطول، وبه أنشأ الإمام الحاكم بأمر الله جامع المقس الذى تسميه عامة أهل مصر بجامع المقسى، وهو الآن يطل على الخليج الناصرى. (انتهى).
[جامع أولاد عنان]
وهذا الجامع هو المعروف اليوم بجامع أولاد عنان، خارج باب البحر، عن يسرة من سلك من الشارع الجديد إلى باب الحديد، وإلى شبرا الخيمة، بقرب قنطرة الخليج المذكور الذى هو اليوم الترعة الحلوة، المارة إلى السويس، وكان أولا على شاطئه، فلما اختصر صار بعيدا عنه، وكان يعرف أيضا بجامع باب البحر.
وفى سنة سبعين وسبعمائة جدّده الوزير الصاحب شمس الدين عبد الله المقسى، وهدم القلعة، وجعل مكانها جنينة، فصارت العامة يقولون جامع المقسى لكونه جدّده وبيضه، وهو مقام الشعائر إلى الآن، وبه ضريح سيدى محمد بن عنان، يعمل له حضرة كل أسبوع ومولد كل عام، وقد بسطنا ترجمته عند الكلام على جامعه من هذا الكتاب.
ونقل المقريزى عن القاضى أبى عبد الله القضاعى أن المقس كانت ضيعة تعرف بأم دنين وإنما سميت المقس لأن العاشر كان يقعد بها وصاحب المكس، فقيل المكس، فقلب فقيل المقس، ثم نقل عن ابن عبد الظاهر أنه قال فى كتاب خطط القاهرة، وسمعت من يقول:
إنه المقسم بالميم، قيل لأن قسمة الغنائم عند الفتوح كانت به، ثم قال: وقال العماد محمد ابن أبى الفرج بن محمد بن حامد الكاتب الأصفهانى فى كتاب سنى البرق الشامى، وجلس الملك الكامل محمد بن السلطان العادل أبى بكر بن أيوب فى البرج الذى بجوار جامع المقسم، فى السابع والعشرين من شوال سنة ست وتسعين وخمسمائة، وهذا المقسم على شاطئ النيل يزار.