قلت: وبقيت هذه الدار تنتقل من يد مالك إلى يد آخر حتى انتقلت إلى ملك الأمير رضوان بيك الذى نسبت إليه قصبة رضوان، وهو - كما فى الجبرتى - الأمير الكبير رضوان بيك الفقارى، تولى إمارة الحاج عدة سنين، وكان وافر الحرمة، مسموع الكلمة، ملازما للصوم والعبادة، وهو الذى عمّر القصبة المعروفة به خارج باب زويلة عند بيته، وأنشأ الزاوية التى بها. والزاوية الأخرى التى بحارة القربية، ووقف وقفا على عتقائه، وعلى جهات بر وخيرات.
مات ﵀ فى سنة خمس وستين وألف، ولم يترك أولادا. (انتهى). وتربته بصحراء الإمام الشافعى بقرب عين الصيرة التى هناك بداخل حوش يعرف بحوش رضوان بيك إلى الآن.
[ترجمة الأمير عبد الرحمن بيك كاشف الشرقية]
ثم انتقلت هذه الدار إلى ملك الأمير عبد الرحمن بيك - أحد الأمراء المصريين - وسكن بها مدة ثم قتل فيها، وهو - كما فى الجبرتى أيضا - الأمير عبد الرحمن بيك، كان أصله كاشف الشرقية. وكان مشهورا بالشجاعة، قلده الصنجقية الأمير إسماعيل باشا - والى مصر - سنة سبع ومائة وألف، وخلع عليه، وحضرت له التقادم والهدايا، ولبس الخلع، ثم حصل بينه وبين الباشا منافسة أدت الباشا إلى أن يطلب منه حلوان الصنجقية أربعة وعشرين كيسا.
فقال المترجم: أنا لم أطلب هذه البلية حتى يأخذ منى عليها هذا القدر، وتعصّب مع خشداشيته على الباشا، فعزلوه، ثم بعد ذلك تولى على جرجا، وحصل له مع عربان هوارة وغيرهم وقائع كثيرة، ثم لما تولى حسين باشا على مصر وكان كتخدا إسماعيل باشا المنفصل حقد على المترجم بسبب مخدومه، فإنه هو الذى سعى فى عزله وخلعه من جرجا، فلما حضر إلى مصر ونزل ببيت رضوان بيك خارج باب زويلة قابله الباشا وسلّم عليه، ثم دبّر له حيلة فى قتله، فحرّض عليه بعض الأمراء، فطلبوا منه نحو ثلثمائة كيس، وادّعوا أنها ثمن خيول وجمال وعبيد وجوار وغلال وغير ذلك أخذها منهم، وطلبوه عند الباشا وضايقوه، ووافق ذلك غرض الباشا لكراهته له بسبب أستاذه، ثم بعد مناوشات حصلت بينهما أحاطوا بداره، ورموه من كل الجهات، ودخلت طائفة من العسكر فى الجامع المواجه لبيته، وصعدوا على