واستمر الحال هكذا فى حروب وقتل ونهب إلى سنة تسع وسبعين ومائة وألف، فاستقل على بيك الكبير بأمور مصر، وعزل الباشا، وخلع طاعة الدولة، وقويت شوكته، وملك الحجاز والشام، وضربت السكة باسمه، ونفى الأمير عبد الرحمن كتخدا، صاحب العمارات الكثيرة الباقية عند الأزهر وغيره إلى الآن، وكان هو صاحب الحل والعقد، قبل على بيك الكبير.
[[استيلاء محمد بيك أبو الذهب على الحكم]]
فصفا الوقت لعلى بيك، إلى أن ثار عليه مملوكه محمد بيك أبو الذهب، صاحب المدرسة الباقية أمام الأزهر إلى الآن، فقام على سيده، واجتمع عليه أعداؤه، فوقع بين على بيك وبينهم محاربات، آلت إلى فرار على بيك إلى الشام، وصار الأمر لمحمد بيك أبو الذهب، فتحزّب مع على بيك كثير من أهل الشام، وانضم إليه جمع عظيم من المصريين الفارين والعرب، وساروا لمحاربة محمد بيك أبى الذهب، فوقع بينهم القتال جهة الصالحية، وانتهى بقتل على بيك، وانتهت الرياسة لمحمد بيك أبى الذهب، لكن لم تطل حياته.
***
[[حكم مراد بيك وإبراهيم بيك]]
ولما مات الأمير محمد بك أبو الذهب انفرد مراد بيك وإبراهيم بيك بالحل والعقد، وتصرفا فى أمور البلد، وأخذا فى التعدى على الأمراء وغيرهم، وتبيّن الغدر لبعض الأمراء، ومن جملتهم اسماعيل بيك، وكان صاحب عزّ وسطوة، وله مماليك وأتباع كثيرة، وظهر ذلك من سوء معاملتهم وخشونة كلامهم، فتبين للأمراء ما يراد بهم، فقاموا وقصدوا الخروج من المدينة، فلما علم بذلك إبراهيم بيك ومراد بيك، جمعا مماليكهما وحزبهما بالرميلة وقره ميدان، واستولوا على أبواب القلعة والبلد، وحصل بينهم وبين الأمراء الفارين مناوشات، انتهت بهزيمة رجال إبراهيم بيك ومراد بيك، فدخلوا القلعة، وحصّنوا أبوابها فحاصرهم الأمراء وضايقوهم أشد المضايقة، حتى ألجأوهم إلى الفرار، ففروا إلى الأقاليم القبلية.
وتمكن اسماعيل بيك من البلد، وتسلم زمام الحل والعقد، وعينه محمد باشا عزت الكبير الوالى من حينذاك شيخا للبلد، فقام من وقته ونهب بيوت الأمراء الفارّين، هو وأمراؤه