للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآمرية، وذلك أن زمام البيازرة شكا ضيق دار الطيور بمصر، وسأل أن يفسح للبيازرة فى عمارة حارة على شاطئ الخليج بظاهر القاهرة لحاجة الطيور والوحوش إلى الماء، فأذن له فى ذلك، فاختطوا هذه الحارة، وجعلوا منازلهم مناظر على الخليج، وفى كل دار باب سر ينزل منه إلى الخليج، واتصل بناء هذه الحارة بزقاق الكحل، فعرفت بهم وسميت بحارة البيازرة (واحدهم بازيار) ثم إن المختار الصقلبى زمام القصر أنشأ بجوارها بستانا، وبنى فيه منظرة عظيمة، وهذا البستان يعرف اليوم موضعه ببستان ابن صيرم خارج باب الفتوح. فلما كثرت العمائر فى حارة البيازرة أمر الوزير المأمون بعمل الأقمنة لشىّ الطوب على شاطئ الخليج الكبير إلى حيث كان البستان الكبير الجيوشى. (انتهى).

(قلت): والآن قد انفصل من طول هذه الحارة الجزء الذى على الخليج، وصار شارعا متسعا. فالخارج من باب الشعرية-المعروف اليوم بباب العدوى-إذا سلك عن يمينه وصار على برّ الخليج الشرقى يجد عن يمينه باب هذه الحارة، فاذا سلك منه يخرج إلى بركة جناق المعروفة اليوم ببركة درب عجور، ثم يجد عن يمينه أيضا الخليج الكبير، وعليه دور كبيرة وصغيرة إلى أن يخرج إلى البساتين التى بظاهر الحسينية، فجميع هذا الطريق من القنطرة إلى البساتين طولا، ومن سور درب البزازرة إلى الخليج عرضا من حقوق حارة البيازرة القديمة، بدليل اتخاذهم أبواب السر الصغيرة الموصلة إلى الخليج لأخذ الماء. فالنصف الذى على الخليج الآن هو الذى كان فيه الدور المتخذة للطيور والوحوش فى الأيام الآمرية، ثم انفصلت وسكنها الناس، وصار درب البزازرة أصغر مما كان أوّلا.

[دار الشيخ شهاب]

وبه الآن من الدور الكبيرة دار السيد محمد خريبة المغربى، بها جنينة، ودار الأديب الشاعر والكاتب الثائر المرحوم الشيخ محمد شهاب الدين، أنشأها على الخليج الكبير فى سنة ثمان وستين ومائتين، وألف وأنشأ بها المناظر التى على الخليج بجوار قنطرة العدوى، بعد أن تم الدور الأول من بنائها، وتوفى فى سنة ثلاث وسبعين قبل إتمامها، ثم انتقلت إلى ورثته، وبقيت إلى أن أتمها مصطفى أفندى وهبى-صهر الشيخ المذكور-وأنشأ بها مطبعة للكتب، وصارت شهرتها الآن بمطبعة مصطفى أفندى وهبى.