للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القان أحمد، وحضر إلى مصر، فأكرمه السلطان، وأنزله فى دار الأمير طقوز دمور، المطلة على بركة الفيل - وهى محل المدارس الميرية الآن فى درب الجماميز، ثم جهّز جيشا وسار معه بنفسه إلى الشام، وكان تيمورلنك قد رحل عنها.

ورجع السلطان برقوق إلى مصر، وتوجه القان إلى مملكته، فكانت هذه المدة حروبا وشدائد، ووقع فيها غلاء ووباء بديار مصر، تسبّب عنه خراب كثير من البلاد وكثير من الدور والحارات فى القاهرة، وغيرها من المدن.

واستمر السلطان برقوق فى الملك إلى أن مات على فراشه سنة إحدى وثمانمائة، ودفن فى تربته بالصحراء.

فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية ست عشرة سنة وشهورا، منها مدة السلطنة الأولى ست سنين وشهور، والثانية تسع سنين وشهور، ومدة أتابكيته أربع سنين وشهور.

ولما مات كان له من العمر ثلاث وستون سنة، وخلّف من الأولاد ستة: ثلاثة من الذكور، وثلاث من الإناث. وخلف فى الخزائن من المال ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، ومن الخيل اثنى عشر ألف فرس، ومن الجمال خمسة آلاف جمل، ومثلها من البغال.

وكان كثير البر والصدقات، فكان يفرّق كل سنة سبعة آلاف إردب على الزوايا والمزارات، وأبطل فى أيامه مكوسا كثيرة بمصر والشام، وعظم أمره، حتى خطب باسمه فى أماكن، لم يخطب فيها لأحد قبله، فخطب باسمه فى توريز من بلاد العجم، وفى الموصل، وفى ماردين، وفى سنجار. وضربت السّكة باسمه فى جميع هذه البقاع، وأراد أن ينقض الأوقاف، فمنعه من ذلك السراج البلقينى والعلماء.

وكان فى يومى الأحد والأربعاء ينزل إلى باب السلسلة، ويجلس بالاصطبل لسماع الشكاوى والمظالم.

وهو أول من رتب شرب القمز فى الميدان تحت القلعة، والقمز لبن مصنوع محمض فيه إسكار، فكانت الأمراء تجتمع كل يوم أربعاء فى الميدان، فتدور عليهم السقاة بزبادى القمز، وصار ذلك من شعائر السلطنة.

[النيروز]

وفى أيامه أبطل ما كان يعمل بالديار المصرية يوم النيروز (وهو أول يوم من السنة القبطية) من اجتماع الكثير من أراذل الناس على أبواب الأكابر والأعيان، ويجعلون لهم أميرا يسمى