وكان من رسوم الجوامع والمساجد أن قاضى القضاة يتولى أحباسها، وإليه أمرها، ولها ديوان مفرد. وفى سنة ثلاث وستين وثلثمائة جمعت أحباسها، فبلغت فى السنة ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم. وكان مرتب كل مشهد خمسين درهما فى الشهر برسم الماء لزوارها.
وكانت العادة قبل رمضان بثلاثة أيام أن تطوف القضاة على المساجد والمشاهد بمصر والقاهرة، ليتفقدوا حصرها وقناديلها وعمائرها، وما تشعث منها ونحو ذلك، فيبتدئون بجامع المقس، ثم جامع القاهرة، وهو الأزهر، ثم المشاهد، ثم القرافة، ثم جامع مصر، وهو جامع عمرو ثم مشهد الرأس.
[[ابتداء التدريس فى الجامع الأزهر]]
وفى سنة ثمانين وثلثمائة ترتب المتصدرون لقراءة العلم بالجامع الأزهر، والعزيز هو أول من أقام الدرس بمعلوم، ثم فى مدته عمل الوزير. يعقوب بن كلس مجلسا فى داره، يحضره الفقهاء والمتكلمون وأهل الجدل، وكان يقرأ فيه كتاب فقه على مذهب الفاطمية، وعمل أيضا مجلسا بجامع مصر لقراءة ذلك الكتاب، وكان يسمى كتاب الوزير.
وبنى العزيز أيضا منظرة اللؤلؤة على الخليج، بالقرب من باب القنطرة جهة جامع الشيخ عبد الوهاب الشعرانى، وكانت من أحسن منتزهاتهم، فإنها كانت تشرف على الخليج من الغرب، وعلى البستان الكافورى من الشرق، وجعل لها سردابا تحت الأرض متصلا بالقصر الكبير، وكان يركب فى هذا السرداب من القصر الكبير إلى اللؤلؤة، ويتحول إليها فى أيام الخليج بحرمه وخواصه، وكانت تطل على بستان يعرف بالمقسى، وكان كبيرا جدا، يمتد إلى النيل، وفى بعض محلّه الآن بركة الأزبكية وخط الموسكى.
وبنى دار الصناعة بالمقس، بالقرب من موضع جامع أولاد عنان، وعمل المراكب التى لم ير مثلها قديما عظما ومتانة وحسنا. وكان ليوم خروج الأسطول رسوم ذكرها المقريزى.
وكان الخلفاء يخرجون للفرجة، فيمتلئ وجه النيل وساحله من المتفرجين، فيكون ذلك اليوم من المواسم المشهودة.
[مطلب ليالى الوقود]
وبنى أيضا منظرة الجامع الأزهر، وكان يجلس فيها ليالى الوقود، وهى ليلة مستهل رجب وليلة نصفه، وليلة مستهل شعبان وليلة نصفه، وقد تكلم عليها المقريزى وأطنب.