للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحمدى، ومات بسوهاج، ودفن بها، وكان موته رابع شهر ذى الحجة سنة خمس عشرة ومائتين وألف. وقد بسطنا ترجمته فى سوهاج عند الكلام عليها (١).

[ترجمة إبراهيم بيك الكبير]

وأما إبراهيم بيك فهو - كما فى الجبرتى أيضا - الأمير الكبير إبراهيم بيك المحمدى عين أعيان الأمراء الألوف المصريين. مات بدنقلة متغرّبا عن مصر، وجئ بجثته، فدفن بتربة الإمام الشافعى .

وكان أصله من مماليك محمد بيك أبى الذهب، تقلّد الإمارة فى سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف فى أيام على بيك الكبير، وتقلّد مشيخة البلد ورياسة مصر بعد موت أستاذه فى سنة تسع وثمانين، مع مشاركة خشداشه مراد بيك كما تقدّم، وطالت أيامه، وتولى قائم مقامية مصر على الوزراء نحو العشر مرات، وطلع أميرا على الحج، وتولى الدفتردارية، واشترى المماليك الكثيرة، وأعتقهم، وأمّر وقلّد منهم صناجق وكشّافا، وأسكنهم الدور الواسعة، وأعطاهم الإقطاعات، ومات الكثير منهم فى حياته، وأقام خلافهم، ورأى أولاد أولاده بل وأولادهم، وما زال يولد له.

وأقام فى الإمارة نحو ثمان وأربعين سنة، وتنعّم فيها وقاسى فى أواخر الأمر شدائد واغترابا عن الأهل والأوطان، وكان موصوفا بالشجاعة والفروسية، وباشر عدة حروب.

وكان ساكن الجأش صبورا، ذا تؤدة وحلم، قريبا للانقياد للحق، متجنبا للهزل إلا نادرا مع الكمال والحشمة، لا يحب سفك الدماء، مرخصا لخشداشيته فى أفاعيلهم، كثير التغافل عن مساويهم، مع معارضتهم له فى أمور كثيرة، خصوصا مرادبيك وأتباعه، فيغضى ويتجاوز ولا يظهر غما ولا تأثرا، حرصا على دوام الألفة وعدم المشاغبة، وإن حدث بينهم ما يوجب وحشة تلافاه وأصلحه. فكان هذا الإهمال سببا لمبادى الشرور، فإنهم تمادوا فى التعدّى وداخلهم الغرور، واستصغروا من عداهم، وامتدّت أيديهم لأخذ أموال التجار وبضائع الفرنج الفرنساوية وغيرهم بدون الثمن مع الحقارة لهم وغيرهم.

ولم يزالوا كذلك إلى أن تحرّك عليهم حسن باشا الجزايرلى فى سنة مائتين وألف، وحضر على الصورة التى حضر فيها، وساعدته الرعية، وخرجوا من المدينة إلى الصعيد، وانتهكت حرمتهم، ثم رجعوا بعد الفصل فى سنة ست ومائتين إلى إمارتهم ودولتهم، وعادوا إلى


(١) أى فى ج ١٢، ص ٦٦ (من الطبعة الأولى)، ولم يبسط ترجمته لأنه ترجمه فى ثلاثة أسطر.
(أ. ت)