ثم بعد هذا الشارع زاوية الآبار، وهى المدرسة البندقدارية التى ذكرها المقريزى حيث قال: هى تجاه المدرسة الفارقانية وحمام الفارقانى، أنشأها الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارى الصالحى النجمى، وجعلها مسجدا لله تعالى وخانقاه، ورتّب فيها صوفية وقرّاء فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة. ومات - رحمه الله تعالى - سنة أربع وثمانين وستمائة، ودفن بقبّة هذه الخانقاه.
وإلى الآن قبره بها ظاهر يزار، وعليه تابوت من الخشب منقوش فيه آيات قرآنية، وقد بسطنا ترجمته عند الكلام على زاوية الآبار فى جزء الزوايا من هذا الكتاب. وقد تخرّبت تلك المدرسة مدة ثم جدّدها ديوان الأوقاف فى زماننا هذا على ماهى عليه الآن، وعرفت بزاوية الآبار، ولها مطهرة ومراحيض، وشعائرها مقامة من جهة الأوقاف.
[مدرسة البنات]
ثم بعدها مدرسة البنات التى هى دار الأمير طاز ذكرها المقريزى فقال: هذه الدار بجوار المدرسة البندقدارية تجاه حمّام الفارقانى على يمنة من سلك من الصليبة يريد حدرة البقر وباب زويلة، أنشأها الأمير سيف الدين طاز فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وكان موضعها عدّة مساكن هدمها برضا أربابها وبغير رضاهم. وتولّى الأمير منجك عمارتها، وصار يقف عليها بنفسه، حتى كملت، فجاءت قصرا مشيدا وإصطبلا كبيرا، وهى باقية إلى يومنا هذا يسكنها الأمراء. (انتهى ملخصا).
(قلت): وهذه الدار اليوم هى المدرسة المعروفة بمدرسة البنات التى تجاه بيت الأمير عبد الله باشا فكرى. وحمّام الفارقانى المذكورة هى الآن حمّام الألفى الواقعة خلف بيت الأمير المذكور. وكانت هذه الدار قبل جعلها مدرسة جارية فى وقف على أغا أغاة دار السعادة، وكانت الناظرة عليها امرأة تدعى نفوسة. وفى زمن العزيز محمد على باشا أخذت هذه الدار، وجعلت مخزنا للمهمات الحربية، وترتّب للناظرة عليها مائة وخمسة وعشرون قرشا ديوانيا فى كل شهر.
واستمرّت كذلك إلى زمن الخديو إسماعيل، أعنى سنة إحدى وتسعين ومائتين وألف، ثم رغب فى إنشاء مدرسة لتربية البنات وتعليمهن، وكنت إذ ذاك ناظرا على ديوان الأوقاف والمدارس، فصرت أبحث عن محل يليق لهذا الغرض، فلم أجد أليق من هذه الدار، وكانت قد خليت من المهمات وانقطع راتب الناظرة عنها، فجعلتها مسكنا للفقراء ومربطا للدواب، وكانت وقتئذ متشعثة، ومتخرّبا أغلبها، ولم يتحصل منها إلا ريع قليل، فتكلمت مع الناظرة، مكتبة الأسرة - ٢٠٠٨