[(المبحث السادس فيمن تهجم على الأهرام وحاول فتحها أو إزالة شئ منها، وفى تاريخ ذلك)]
قال بعض علماء الإفرنج: يظهر أن خلفاء جمشيد هم الذين ابتدؤا بالتعدى على الهرم. والظاهر أن ذلك كان فى زمن دريوس أكوس، إذ فى زمنه قام المصريون على العجم، وأرادوا طردهم من مصر، فتغلب العجم عليهم وأذلوهم وردوهم إلى طاعتهم، وعند ذلك سطوا على معابدهم ومقدسيهم بالتخريب والتحقير، ثم لما دخلت اليونان مصر تمسكوا بديانة المصريين وعوائدهم، فمال إليهم المصريون، ولكن لما وجدوا الأجساد المقدسة قد نبشت وضاع كثير منها، لم يعتنوا بها كالاعتناء الأول، فأخذت فى النقص وطمس الذكر إلى أن أضمحلت. بل نقل بعضهم عن هيرودوط أن جمشيد نفسه هو الذى فتح قبور الملوك، وكانت قبل محترمة فى الغاية. انتهى.
وقال لطرون الفرنساوى: إن الأهرام كانت مكسوة بحجارة مصقولة على قول الأكثر، وإن تلك الكسوة قد أزيلت باستطالة الأيدى عليها خلافا لمن يقول إنها بنيت هكذا غير مكسوة. ثم قال إن ابتداء إزالة الكسوة كان فى زمن العرب، ولم يكن فى زمن البطالسة ولا الرومانيين؛ لأن هذه المبانى فى وقتهم كانت مقدسة تحت حماية الديانة، فلما استولت العرب على مصر أخذ كثير من الناس فى البحث عن الكنوز، ففتح المأمون الهرم وكذا غيره، ولما لم يجدوا شيئا أخذوا يبحثون فى أعلاه، فأزالوا المدماك الأول، ثم حفروا فى وسط الهرم من الأعلى طمعا فى أن يصلوا إلى داخله، فكان سعيهم على غير طائل. ويظهر أن الكسوة بقيت إلى القرن السادس من الهجرة، بدليل ما قاله عبد اللطيف البغدادى فى رسالته - وهو من أهل هذا القرن - إنا لما علمنا أن أهالى قرية من قرى الجيزة لهم معرفة بالصعود فوق الهرم؛ أحضرنا منهم أشخاصا، واستأجرناهم على الصعود عليه بقليل من الأجرة. انتهى.