ويركبون مع الخليفة، ويخرجون من شارع درب الحصر، فينزلون على شارع الركبية، ثم على شارع الصليبة، ثم على المنشية، ثم يعودون إلى شارع درب الحصر، ويفعلون ذلك ثلاث مرات والخليفة راكب بأول الموكب وأمامه جماعة من أرباب الأشائر والطرق، وحوله جماعة من النقباء بأيديهم المباخر والقماقم، وجماعة من عسكر البوليص لمنع الناس من الازدحام، وخلفه الأولاد الصغار، وبعض من البالغين الكبار؛ فمنهم الراكب على حصان، ومنهم من هو راكب على حمار، ومنهم الراكب فى عربة، ونحو ذلك، ومنهم من على رأسه طرطور أحمر، ومنهم من على رأسه طرطور أصفر إلى غير ذلك من الأمور الشنيعة والغايات القبيحة.
ويكون ابتداء الموكب الساعة السادسة من النهار إلى آخر الساعة التاسعة، ويجتمع الكثير من الناس للتفرج على ذلك سيما النساء، ويكثر الازدحام، ويكون هذا اليوم مشهودا يقع فيه من القصف واللهو مالا مزيد عليه، فلا حول ولا قوة إلا بالله لا يقع فى ملكه إلا ما يشاء.
[ثالثها: شارع الخضرية]
أوله من نهاية شارع درب الحصر، وآخره أول شارع طولون تجاه حارة بئر الوطاويط.
وبه من جهة اليمين: عطفة نقنقة، ثم حارة بئر الوطاويط، يسلك منها لشارع الصليبة، وعلى يمين المارّ بها عطفة سيدى عبد الله، بداخلها ضريح الشيخ عبد الله، وعلى اليسار أربعة أزقة غير نافذة.
[[حارة بئر الوطاويط]]
وحارة بئر الوطاويط هذه حارة كبيرة قديمة ذكرها المقريزى فقال: عرفت بذلك من أجل البئر التى أنشأها الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات المعروف بابن خنزابة (١) لينقل منها الماء إلى السبع سقايات التى أنشأها وحبسها لجميع المسلمين، وكانت بخط الحمراء وكتب عليها:
«بسم الله الرحمن الرحيم. ﴿لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ﴾، وله الشكر وله الحمد، ومنه المن على عبده جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات، وما وفقه له من البناء لهذه البئر وجريانها إلى السبع سقايات التى أنشأها وحبسها لجميع المسلمين، وحبسه وسبله وقفا مؤبدا لا يحل تغييره ولا العدول بشئ من مائه، ولا ينقل ولا يبطل ولا يساق إلا إلى حيث مجراه إلى السقايات المسبلة، فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين ببدلونه، إن الله سميع عليم، وذلك فى سنة خمس وخمسين وثلثمائة وصلى الله على نبيه محمد وآله وسلم».
(١) فى الطبعة الأولى «خترابة»، والتصحيح لأحمد تيمور.