بعمل العقود، فإن فائدة الأشجار هى الخضرة والظل، لكن لا يخفى على كل عاقل المضار المترتبة على ذلك من وجود الناموس وغيره فى المنازل، ولربما صارت الأشجار سلما للصوص ونحوهم، وأما فائدة العقود فهى غير خافية، وفضلا عن الاستظلال بها كان يتحصل من انضمامها إلى المنازل زيادة سعة فيها، عوضا عما أخذ من أرضها، وكذلك كانت تنتفع الحكومة ببيع ستة عشر ألف متر تركتها بدون فائدة، وبالأقل المتر منها يساوى بينتو، فكأنها تركت ستة عشر ألف بينتو، وغير خاف أن الأشجار تحتاج لخدمة ومصرف مستديم لأجل إصلاحها وسقيها، والعقود لا تحتاج لشئ من ذلك، وبالجملة فعمل العقود كان أنفع من غرس الأشجار.
وأما الأماكن التى أخذت لأجل هذا الشارع فعددها ثلثمائة وثمانية وتسعون، منها بيوت كبيرة وصغيرة ثلثمائة وخمسة وعشرون، والباقى طواحين وأفران ورباع وحمامات وزرائب وخرائب، وأخذت قطعة من جامع قوصون من ضمنها الساقية والمأذنة والمطهرة والمراحيض.
[جامع قوصون]
وهذا الجامع أنشأه الأمير قوصون سنة ثلاثين وسبعمائة، وخطب به قاضى القضاة جلال الدين القزوينى بحضرة السلطان الناصر محمد بن قلاوون، والآن جار تجديده من جهة ديوان الأوقاف العمومية.
وكذلك أخذ مسجد الشيخ بطيخة بأكمله، وجزء من مسجد الشيخ نعمان، وهو من إنشاء الأمير رجب أغا سنة خمس وثمانين وتسعمائة؛ بداخله ضريح الشيخ نعمان المذكور، وشعائره مقامة من جهة الديوان.
وكذا أخذ فى هذا الشارع جزء من مسجد الشيخ سليمان، وجعل ما بقى منه زاوية بأسفلها حوانيت، شعائرها مقامة من ريعها، وبداخلها ضريح الشيخ سليمان المذكور، وجزء من زاوية الشيخ ضرغام، وقد تكلمنا عليها فى شارع غيط العدّة.
ثم إن هذا الشارع جعل له انحدار واحد من ابتدائه إلى شارع قوصون، ومن ابتداء شارع قوصون إلى جامع السلطان حسن جعل له انحدار آخر، وقد ردم من عند جنينة دبوس أعلى من متر إلى مترين. فى طول الشارع إلى مسجد الشيخ نعمان المذكور، ومن هذا المحل