فياليت الحكومة تشدد فى ضبط عملية الإحصاءات، للوقوف على الحقيقة ويجرى ما منه حفظ صحة الأطفال ليقل عدد من يموت منهم، وبذلك يزيد عدد الأهالى الذى عليه مدار ثروة البلد وسعادتها.
ويستنبط من الإحصاءات التى جرت فى ظرف عشرين سنة أن أكثر من يموت وأكثر من يولد يحصل فى شهور الشتاء، وهو نوفمبر وديسمبر ويناير، ويعلم منها أيضا أن مقدار من يموت من القاهرة بالنسبة لسكانها أكثر ممن يموت فى قرى الريف، ويظهر أن، ذلك ناشئ من عدم استيفاء شروط الصحة فى المدينة، والغالب أن العفونات الحاصلة من روائح المراحيض هى أكبر أسباب الأمراض المستوجبة للموت.
ويستدل على ذلك بما قدره أحد الحكماء المشهورين، المسمى «فودور» النمساوى بالنسبة لتأثير الكلرة والتيفوس، فوجد أن هذين المرضين تأثيرهما فى المحلات القذرة العفنة، يعدل تأثيرهما خمس مرات فى المحلات النظيفة النقية. وفى بلاد الانجليز وغيرها، وجد أن المدن من قبل أن تعمل لمراحيضها المجارى بحسب الشروط الصحية كان يموت فى العشرة آلاف فيها تسعة أشخاص، وبعد أن تمت واستعملت تناقص ذلك بالتدريج، حتى بلغ ثلاثة أشخاص، يعنى شخصا من كل ثلاثة آلاف شخص، بعد ما كان شخصا فى الألف.
وفى مدينة دنزيك من بلاد ألمانيا، بعد أن تمت مجاريها نزل عدد الموتى إلى خمسة عشر شخصا فى كل مائة ألف بعد ما كان تسعة وتسعين شخصا، يعنى صار من يموت بالحميات التيفوسية شخصا واحدا من كل سبعة آلاف تقريبا، بعد ما كان شخصا فى الألف.
وفى مدينة برلين التى إلى الآن لم تتم مجاريها وجد أن من يموت بالتيفوس هو شخص فى كل ألف وثلثمائة وخمس وسبعين من البيوت التى تمت مجاريها، وشخص فى كل أربعمائة وثلاثين من البيوت التى لم تتم مجاريها.
وهذه النتائج تحكم بالإسراع بما تقتضيه صحة أهالى القاهرة، من فتح شوارع وعمل ميادين، وإعطاء قانون يتبع إجراؤه فى مجارى البيوت حتى يقل ضررها إن لم يزل بالكلية.
***
[مطلب مدافن الأموات]
ودفن الموتى الآن فى خمسة محلات خارج البلد وهى قرافة السيدة نفيسة، وقرافة الإمام الشافعى، وبها مدفن الفامليا، وقرافة باب الوزير، وقرافة المجاورين وقايتباى، وقرافة باب النصر.