(قلت): ولا يبعد أن بيتنا الكبير المتقدّم الذكر كان من ضمن دار البقر أيضا هو والحوش المملوك لنا مع ما جاوره من بيوتنا الموجودة الآن بحرىّ البيت الكبير. وقد وجدنا وقت البناء أن جميع الأرض حصيرة واحدة كلها مدكوكة بالحجر.
[قصر يلبغا اليحياوى]
وكان فى محل جامع السلطان حسن قصر يلبغا اليحياوى. قال المقريزى: هذا القصر موضعه الآن مدرسة السلطان حسن المطلّة على الرميلة تحت قلعة الجبل. وكان قصرا عظيما أمر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون - فى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة - ببنائه لسكن الأمير يلبغا اليحياوى، وأن يبنى أيضا قصر يقابله برسم سكنى الأمير ألطنبغا الماردينى، لتزايد رغبته فيهما وعظيم محبته لهما حتى يكونا تجاهه وينظر إليهما من قلعة الجبل، فركب بنفسه إلى حيث سوق الخيل من الرميلة تحت القلعة، وسار إلى حمّام الملك السعيد.
(قلت): وهذا الحمّام هو الذى كان يعرف فى زماننا بحمّام الهنود، وقد هدم عندما أنشأت والدة الخديو إسماعيل البيوت الواقعة خلف قراقول الرميلة - المعروف الآن بقراقول ميدان محمد على.
ثم قال المقريزى: وعيّن إصطبل الأمير أيدغمش أمير أخور، وكان تجاهها، ليعمره هو وما يقابله قصرين متقابلين، ويضاف إليه إصطبل الأمير طاشتمر الساقى، واصطبل الجوق، وأمر الأمير قوصون أن يشترى ما يجاور اصطبله من الأملاك، ويوسّع فى إصطبله، وجعل أمر هذه العمارة إلى الأمير أقبغا عبد الواحد، فوقع الهدم فيما كان بجوار بيت الأمير قوصون وزيد فى الاصطبل، وجعل باب هذا الإصطبل من تجاه باب القلعة المعروف بباب السلسلة.
وأمر السلطان بالنفقة على العمارة من ماله على يد النشو.
وكان للملك الناصر رغبة كبيرة فى العمارة بحيث أنه أفرد لها ديوانا، وبلغ مصروفها فى كل يوم اثنى عشر ألف درهم نقرة، وأقل ما كان يصرف من ديوان العمارة فى اليوم برسم العمارة مبلغ ثمانية آلاف درهم نقرة. فلما كثر الاهتمام فى بناء القصرين المذكورين، وعظم الاجتهاد فى عمارتها، صار السلطان ينزل من القلعة لكشف العمل، ويستحث على فراغهما.
وأول ما بدئ به قصر يلبغا اليحياوى، فعمل أساسه حصيرة واحدة، انصرف عليها وحدها مبلغ أربعمائة ألف درهم نقرة، ولم يبق فى القاهرة ومصر صانع له تعلّق فى العمارة إلا وعمل فيها، حتى كمل القصر فجاء فى غاية الحسن. وبلغت النفقة عليه أربعمائة ألف ألف درهم وستين ألف درهم نقرة، منها ثمن لازورد خاصة مائة ألف درهم.