قال المقريزى: الفلوس لم يجعلها الله تعالى قط نقدا فى قديم الدهر وحديثه إلى أن راجت فى أيام أقبح الملوك سيرة وأرذلهم سريرة: الناصر فرج.
وقد علم كل من رزق فهما وعلما أنه حدث من رواجها خراب الأقاليم، وذهاب نعمة أهل مصر.
والفضة هى النقد الشرعى، لم يزل فى العالم ولم تزل سنة الله في خلقه وعادته المتميزة مدة كانت الخليقة إلى أن حدثت الحوادث والمحن بمصر سنة ست وثمانمائة فى جهات الأرض كلها، عند كل أمة من الأمم كالفرس والروم وبنى إسرائيل واليونان، والقبط والنبط والتبابعة وأقيال اليمن، والعرب العاربة والمستعربة، ثم الدولة الإسلامية من حين ظهورها على اختلاف دولها التى قامت بدعوتها: كبنى أمية بالشام والأندلس، وبنى العباس بالعراق، والعلويين بطبرستان وبلاد المغرب وديار مصر والشأم والحجاز واليمن، ودولة بنى أبى حفص بتونس، ودولة بنى رسول باليمن، ودولة بنى فيروز شاه بالهند ودلة، ودولة سمهليك بسمرقند، ودولة بنى عثمان بالجانب الشمالى الشرقى.
إن النقود التى كانت أقمانا وقيما إنما هى الذهب والفضة فقط، لا يعلم فى خبر صحيح ولا سقيم عن أمة من الأمم ولا طائفة من الطوائف أنهم اتخذوا أبدا فى قديم الزمان ولا حديثه نقدا غيرها.
إلا أنه لما كان فى المبيعات محقرات يقل أن تباع بدرهم أو بجزء منه، احتيج قديما وحديثا إلى شئ سوى النقدين يكون بإزاء تلك المحقرات، ولم يسم أبدا ذلك الشئ. الذى جعل للمحقرات نقدا ولا أقيم قطّ بمنزلة أحد النقدين.