ثم عرف بدرب العماد سنينات، ثم عرف بدرب ألدمر وبه يعرف إلى الآن. (اه).
[ترجمة الأمير ألدمر]
وألدمر هذا هو - كما فى المقريزى - الأمير سيف الدين ألدمر أمير جاندار - أحد أمراء الملك الناصر محمد بن قلاوون - خرج إلى الحج فى سنة ثلاثين وسبعمائة، وكان أمير حاج الركب العراقى تلك السنة يقال له محمد الحويج من أهل توريز بعثه أبو سعيد - ملك العراق - إلى مصر، وخف على قلب الملك الناصر، ثم بلغه عنه ما يكرهه، فأخرجه من مصر.
ولما بلغه أن حويج فى هذه السنة أمير الركب العراقى كتب إلى الشريف عطيفة أمير مكة أن يعمل الحيلة فى قتله بكل ما يمكن، فأطلع على ذلك ابنه مباركا وخواص قواده، فاستعدوا لذلك. فلما وقف الناس بعرفة وعادوا يوم النحر إلى مكة قصد العبيد إثارة فتنة، وشرعوا فى النهب لينالوا غرضهم من قتل أمير الركب العراقى، فوقع الصارخ وليس عند المصريين خبر مما كتبه السلطان، فنهض أمير الركب الأمير سيف الدين خاص ترك والأمير أحمد قريب السلطان والأمير ألدمر أمير جاندار فى مماليكهم، وأخذ ألدمر يسب الشريف رميته، وأمسك بعض قواده وأحدق به، فقام إليه الشريف عطيفة ولاطفه، فلم يرجع.
وكان حديد النفس شجاعا، فأقدم إليهم وقد اجتمع قواد مكة وأشرافها وهم ملبسون يريدون الركب العراقى، وضرب مبارك بن عطيفة بدبوس فأخطأه، وضربه مبارك بحربة نفذت من صدره، فسقط عن فرسه إلى الأرض، فارتج الناس، ووقع القتال، فخرج أمير الركب العراقى واحترس على نفسه، فسلم وسقط فى يد أمير مكة إذ فات مقصوده، وحصل ما لم بإرادته، ثم سكنت الفتنة ودفن الدمر.
وكان قتله يوم الجمعة رابع عشر ذى الحجة، فكأنما نادى مناد فى القاهرة والقلعة والناس فى صلاة العيد بقتل ألدمر ووقوع الفتنة بمكة، ولم يبق أحد حتى تحدث بذلك، وبلغ السلطان فلم يكترث بالخبر وقال: أين مكة من مصر؟ ومن أتى بهذا الخبر؟ واستفيض هذا الخبر بقتل ألدمر، حتى انتشر فى إقليم مصر كله، فما هو إلا أن حضر مبشر الحاج فى يوم الثلاثاء ثانى المحرم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة فأخبروا بالخبر مثل ما أشيع، فكان هذا من أغرب ما سمع به.
ولما بلغ السلطان خبر قتل ألدمر غضب غضبا شديدا، وصار يقوم ويقعد وأبطل السماط، وأمر فجرد من العسكر ألفا فارس؛ كل منهم بخودة وجوشن ومائة فردة نشاب