وقد ترجم ابن السالوس أيضا تبعا لأبى المحاسن نقلا عن الشيخ صلاح الدين الصفدى فقال أن ابن السالوس، كان فى صغره تاجرا وتقلب فى أنواع كثيرة من التجارة، وكان أشقر أصفر الشعر سمينا فصبح اللسان لين الكلام ماهرا فى فنون كثيره وأدبيات، وكان متعاظما متكبرا وتعرف بالصاحب تقى الدين بن المانى فتحصل بسببه على وظيفة محتسب دمشق ثم بعد ذلك دخل مصر واصطحب بالملك الأشرف خليل فى زمن أبيه السلطان قلاوون حتى أنه غضب عليه السلطان مرة فحماه الملك خليل من والده وخلصه من السجن، ثم سافر ابن السالوس إلى الحج وفى أثناء ذلك تولى الملك الأشرف خليل السلطنة بعد موت أبيه فأرسل إليه فأحضره وولاه الوزارة إلى آخر ما تقدم.
ولما قتل الملك الأشرف/خليل كان ابن السالوس بالإسكندرية وبلغه ذلك فقام إلى القاهرة ونزل بخارجها فى زاوية الشيخ جمال الدين الظاهرى واستشار الشيخ فى الاختفاء وعدمه فلم يشر عليه بشئ فاستشار غيره فأشار عليه أن يختفى حتى تهدأ الأمور وأشار عليه بذلك أيضا بعض أصحابه فأبت نفسه من ذلك وحملته أنفته على الظهور وقال نحن لا نرضى ذلك لأحد أتباعنا فكيف نرضاه لأنفسنا، وركب فى أبهته المعتادة ودخل مصر من باب القنطرة ودخلت عليه القضاة والأمراء فلم يقم لهم فأقام ببيته خمسة أيام والناس تتردد عليه، وقد أرسلت نساء الأشرف إلى النائب كتبغا أن يصفح عنه احتراما للملك الأشرف، فإنه كان يجله ويعظمه فلما بلغ السجاعى والأمراء ذلك تكلموا فى حقه عند النائب ولم يرتضوا بالصفح عنه فطلبه النائب يوم السبت فى الثانى والعشرين من المحرم فركب فى موكبه المعتاد إلى أن دخل على النائب فأمر بالقبض عليه وسلمه للسجاعى، فأنزله من القلعة ماشيا محافظا عليه ووكلوا به بدر الدين قرقوش الظاهرى شاد الصحبة ليغرمه، فأخذه وجعل يكرر عليه الضرب والإهانة حتى أنه ضربه فى مرة ألفا ومائة ضربة بالمقارع، وقيل إنه ضربه ألفا ومائتى شيب حتى حصل منه مبلغا جسيما من الأموال، وكان كل يوم يضرب فى المدرسة الصاحبية التى فى سويقة الصاحب، وكانوا يركبونه على حمار ويطلعون به القلعة، وفى طريقه تتقدم إليه الأوباش وتقدم له مداسات مقطعة ويقولون له: أيها الصاحب