وأقام بعرضيه أياما، ثم رجع إلى ناحية مصر وذهب إلى الصعيد، ثم رجع إلى الشام والفرنساوية يأخذون خبره، ويرصدون له فى الطريق، فيزوع منهم ويكبسهم فى غفلاتهم، وينال منهم
ولما اصطلح مراد بيك مع الفرنساوية لم يوافقه على ذلك واعتزله، وخرج مع العثمانية إلى نواحى الشام، ثم رجع إلى جهة الشرقية، وصار يحارب من يصادفه من الفرنسيس، فإذا تجمعوا وأتوا لحربه لم يجدوه، ويمر من خلف الجبل ويمر بالحاجر من الصعيد فلا يعلم أين ذهب، ثم يظهر بالبر الغربى، ثم يصير مشرقا ويعود إلى الشام، وهكذا كان دأبه، وكانت له حروب ومناوشات كثيرة مع المصريين وغيرهم، كلها مبسوطة فى ترجمته فلتراجع.
مات سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف، وكان معتدل القامة، أبيض اللون، مشربا بحمرة، جميل الصورة، مدور اللحية، أشقر الشعر، قد لحقه الشيب، مليح العينين، معجبا بنفسه، مترفها فى زيّه وملبسه، كثير الفكر كتوما لا يبيح بأسراره، إلا أنه لم يسعفه الدهر وجنى عليه بالقهر، ومات وعمره خمسة وخمسون سنة، رحمه الله تعالى. (انتهى)، وقد بسطنا ترجمته فى دمنهور فى جزء البلاد من هذا الكتاب.
وأما قنطرة الدكة المتقدم ذكرها، فقد قال المقريزى: أنها كانت فوق خليج الذكر، وعرفت أخيرا بقنطرة التركمانى، من أجل أن الأمير بدر الدين التركمانى قد عمّرها، وقد طمّ ما تحتها، وصارت معقودة على التراب لتلاف خليج الذكر. (انتهى).
[مطلب خليج فم الخور]
(قلت): وهى موجودة إلى اليوم، والخطة تعرف بها، يمر السالك من فوقها إلى شارع الكارة، وعطفة الشلبيات، وشارع الجامع وغير ذلك، ويوجد بخطتها الآن دار المرحوم أحمد باشا المنكلى، ويغلب على الظن أن محلها من ضمن منظرة الخلفاء المتقدم ذكرها، وخليج الذكر ذكره المقريزى مع خليج فم الخور حيث قال: وخليج فم الخور يخرج الآن من بحر النيل ويصب فى الخليج الناصرى، وكان قبل أن يحفر الخليج الناصرى يمد خليج الذكر، وكان أصله ترعة يدخل منها ماء النيل للبستان المقسى، ثم وسعه الملك الكامل، ويقال: إن خليج الذكر حفره كافور الأخشيدى، فلما زال البستان المقسى فى أيام الخليفة الظاهر، وجعله بركة قدام منظرة اللؤلؤة، صار يدخل الماء إليها من هذا الخليج، وكان يفتح قبل الخليج