وأصل هذه الدار كانت ملكا للأمير على أغا يحيى من الأمراء المصريين، وهو-كما فى الجبرتى-الأمير المبجل على أغا يحيى، أصله مملوك يحيى كاشف تابع أحمد بيك السكرى الذى كان كتخدا عند عثمان بيك الفقارى الكبير، ولما ظهر على بيك وأرسل محمد بيك ومن معه إلى جهة قبلى بعد قتل صالح بيك، كان الأمير يحيى من جملة الأمراء الذين كانوا بأسيوط، ولما تشتتوا فى البلاد ذهب الأمير يحيى إلى إسلامبول وصحبته مملوكه المترجم، وأقام هناك إلى أن مات، فحضر المترجم إلى مصر فى أيام محمد بيك، وتزوج ببنت أستاذه، وسكن بحارة السبع قاعات، واشتهر بها، وعمل كتخدا عند سليمان أغا الوالى، وصار مقبولا عنده، ويتوسط للناس فى القضايا والدعاوى، واشتهر ذكره من حينئذ، وارتاح الناس إليه فى غالب المقتضيات، وباشر فصل الحكومات بنفسه، وكان قليل الطمع، لين الجانب. ولما حضر حسن باشا وخرج مخدومه من مصر استوزره حسن بيك الجداوى، وعظم أمره أيضا فى أيامه، واشترى دار مصطفى أغا الجراكسة التى بجوار زاوية ابن العربى بالقرب من الفحامين، وسكن بها، وسافر مرارا إلى الجهة القبلية سفيرا بين الأمراء البحرية والقبلية. ولم يزل وافر الحرمة حتى كانت دولة العثمانيين، ونما أمر السيد أحمد المحروقى، فانضوى إليه لقرب داره منه، فقيده ببعض الخدم، وجبى الأموال من البلاد، ولما تآمر حسن بيك أخو طاهر باشا على التجريدة الموجهة إلى ناحية قبلى طلبوا رجلا من المصريين يكون رئيسا، عاقلا فأشاروا على المترجم، فطلبه الباشا من السيد أحمد المحروقى، فأرسل إليه بالحضور، فأقام أياما حتى قضى أشغاله وسافر وهو متوعك، فتوفى بسمالوط فى ثالث القعدة سنة تسع عشرة ومائتين وألف (انتهى)
وبوسط هذه الحارة رحبة كبيرة بها زاوية تعرف اليوم بزاوية ابن العربى، وكانت أولا تعرف بالمدرسة الشريفية التى ذكرها المقريزى فقال: هذه المدرسة بدرب كركامة على رأس حارة الجودرية وقفها الأمير الشريف فخر الدين أبو نصر إسماعيل ابن حصن الدولة، أحد أمراء مصر فى الدولة الأيوبية، وتمت سنة اثنتى عشرة وستمائة، وكانت من مدارس الفقهاء الشافعية.