للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لسكنه، فجاءت هذه العمارة من أحسن ما بنى بشارع محمد على. وهذا البيت كان أولا يعرف ببيت الأمير لاجين بك أحد أمراء الغز المصريين، وقد ذكرنا ترجمته بشارع محمد على من هذا الكتاب.

[قنطرة الذى كفر (١)]

ثم بعد جامع الحين ضريحان بجوار بعضهما يعمل لهما ليلة كل سنة، ثم قنطرة الذى كفر يسلك من عليها إلى شارع الخلوتى وغيره. وهذه القنطرة لم نقف لها على تاريخ إنشاء ولا على منشئ، وكذلك المقريزى لم يذكرها فى خططه لكونها استجدت بعد موته.


(١) قنطرة الذى كفر: سبب تسمية هذه القنطرة بذلك أنه كان فى غربيها دار لأحد أمراء العزيز محمد علىّ يقال له عثمان أغا، وكان له خادم قديم من الذين يسمون بالمقدمين يسكن دارا بالتبانة بجوار مسجد خير بك المعروف عند العامّة (بالخربكية)، وكان من عادته أن يذهب الى داره بعض الأحيان بعد الغروب حاملا معه عشاءه الخبز فى يد والادام فى يد، فذهب بعض الليالى على عادته فصادف أشخاصا يترصدون فى الطريق لسرقة ما تصل اليه أيديهم من المارّة، ورآهم سرقوا من رجل ما معه وفرّوا، فخلع نعليه وأراد اللحاق بهم، فلم يدركهم، ولما عاد وجد بعضهم سرق النعلين، فأخبر سيده بذلك فعوضه، عن النعلين بمطرف من الكشميرى يتعمم به ورهبه نصف إردب من القمح وأمره أن يحمله إلى داره بعد الغروب كعادته، فحمله على حمار كان له وسار خلفه الأمير من حيث لا يشعر، ولما وصل إلى مكان السراق خرجوا عليه وسلبوه العمامة، وفرّوا إلا أن الأمير تمكن من إمساك واحد منهم واكتفى فى استيافه بأن جعل يده تحت إبطه ورجع به، فلم يستطع الرجل الإفلات لقوة عضل الأمير، إلا أنه لما مر به على مخفر كان فى الطريق حاول الصياح والشغب رجاء أن يخلصه رجال الشرطة فلم يسع الأمير إلا أن جعل رأسه تحت إبطه وضغط عليه حتى زهقت روحه. ولما اتصل الخبر بالعزيز محمد علىّ غضب وأمر الأمير أن يقبع داره ولا يخرج منها ولا يزوره أحد. ثم حدث أنّ المقدّم رأى بين أحد خدم الأمير وجواريه ما يريب، فأخبر سيده بذلك، وبأنهما يجتمعان فى طاحون الدار فترصدا لهما سرا وباغتا هما فى الطاحون فقتلهما الأمير بمرأى من المقدّم ثم أمره بالقائهما فى البئر، ففعل إلا أنه استقظع هذا العقاب الصارم، واستبشع منظر القتل وتأثر عقله منه فجنّ وصار يخرج من الدار ويقف على هذه القنطرة فيصبح بملء فيه (آدى اللى كفر) أى هذا الذى كفر، وبقى على ذلك يومين والناس يرونه ويجتمعون حوله ليسمعوا ما يقول، ثم مات فعرفت القنطرة بهذا الاسم من ذلك الحين. وقد روى هذا الخبر الأمير الثقة محمد ثابت باشا أحد رجال العزيز محمد علىّ والذى بقى إلى عصر الخديو عباس باشا الثانى وكان متوليا فى أوّل مدّته رآسة الديوان الخديوى وهو آخر منصب تولاه.
(أحمد تيمور)
ومقتطفات الصحف التالية من جمعه أيضا وجدناها ملصقة فى نسخته من «الخطط» المحفوظة بدار الكتب.
***