فمددت منها من إنبابة إلى محطة الواسطة وذلك نحو ستين ميلا إنكليزيا، ومن فرع الفيوم إلى محطة أبى كساء، وهى نحو عشرين ميلا، مع ما فى تلك الأشغال من القناطر والبرابخ، وبلغ مرتبى وقتئذ ألفى قرش، وكان ذلك تحت رياسة فايد بيك.
ثم عدت ثانيا إلى أركان حرب. ثم تعينت فى جملة أشغال، منها: بناء سراى الجيزة الخديوية، أقمت بها نحو سنتين، وأحسن إلى فيها برتبة القائم مقام. ثم فى بناء قناطر السكة الحديد من إنبابة إلى ناحية إيتاى البارود، وطول هذا الخط نحو خمسة وثمانين ميلا إنكليزيا، وبعد تمام ذلك عدت إلى أركان حرب. وفى آخر شهر ذى القعدة من سنة ١٢٩٣، سافرت إلى بلاد الحبشة فى التجريدة التى وجهها الخديوى إسماعيل باشا إلى تلك الجهة، فمكثت فى تلك السفرة نحو أربعة عشر شهرا، فسافرنا من المحروسة إلى السويس فى السكة الحديد، ومنها إلى مصوع فى بوابير البحر البخارية، فوصلنا إلى مصوع فى مسافة ستة أيام وأقمنا فيها مدة.
[[وصف مدينة مصوع]]
ومصوع واقعة فى جزيرة، يتوصل إليها بواسطة جسر، أنشئ فى زمن الخديوى إسماعيل باشا، عرضه نحو عشرة أمتار. وهى مدينة عامرة، بها جملة دكاكين وخمارات وسوق دائم، ويقيم بها تجار من الهند وجدة، ويباع فيها الثياب وقليل من السجادات وأنواع الحبوب، وأعظم تجارتها صنف الجلد والسمن والعسل والشحم ونحو ذلك. وقد كانت صغيرة فاتسعت وازدادت سكانها حتى صاروا نحو ثلاثة آلاف نفس، كلهم سود الألوان كالحبشان، ويتكلمون بلسان الحبشة وألسنة العرب المجاورين لهم. وبها جامعان بمنارتين، أحدهما يسمى بالجامع الشافعى، والآخر يسمى بالمالكى وبها أربع أفران افرنجى أنشئت قريبا. وبها صهاريج قديمة قليلة، تملأ من ماء المطر. وفيها طابية قديمة البناء، وقد جدد بها الآن صهاريح، وطابيتان عملتا من التراب، وجبخانات. ولما كان مسنجر باشا محافظا هناك، أنشأ ساقية بطلنبة يد، بناحية أم كلو-التى هى على مسافة ثمانية آلاف متر من تلك المدينة- وبنى حوضا مستديرا بجزيرة تولود، وركب بينهما ماسورة من فخار لا يصال الماء منها إليه، وصارت المياه تؤخذ منه بطريق الشراء، ورتب عوائد فوق جسر مصوع تؤخذ من المارين به.