ولا يخفى ما فى ذلك من الدلالة على اتصال منافع جهات البحر الأحمر بمنافع جهات البحر الأبيض، وغرس حبة التمدن فى سواحل أرض السودان كغرسها فى أرض مصر، حتى ترعرع زرعها وأثمر، وذاق طعم ثمراتها كثير من الأهل والأغراب، فعرفوا مزية هذا الغرس وألفوه، وأوسعوا فى زرعه، وباستمداده من طرف الحضرة الخديوية لا بد أن يسرى/إلى البلاد السودانية، ويؤثر فى أرضها وطباع أهلها، وينقلهم من الخشونة والتوحش إلى التنعم والتأنس، حتى يصبحوا بما نالوا من الثروة مقرين لحضرته بالشكر الجميل، داعين له ولأنجاله بتخليد دولتهم وتوفيقهم إلى أقوم سبيل.
مطلب الكلام على البوسطة الخديوية
وعلى ما نشأ عنها من المنافع
ومن الأعمال السديدة التى تقدمت بها التجارة على سالف سيرها: إحداث البوسطة الخديوية، فإنه حصل بوجودها فى البحرين استمرار ورود ما كان يرد على القطر من بلاد كثيرة، من جهات السواحل الرومية والغربية والسودانية، ولو بقى الأمر على ما كان عليه قبل لا نقطع ذلك أو قل.
وقد دلت جداول الإحصاءات على أن هذه المصلحة نقلت فى سنة ١٨٧٢ ميلادية من نوع المكاتيب فقط ٢٠٧٥٣١٤، من ضمنها ٧٧٣٩٦ مكتوبا من البلاد الأجنبية وإليها من الديار المصرية، ومن صنف النقود والحوالات ما بلغ قدره بالقروش المصرية الميرية ١٦٣٣٥٨٤٢٠٩.
ولولا البوسطة لاختل نظام بعض الثغور المصرية، خصوصا ثغر الإسكندرية، فهى فكرة جليلة من الحضرة الخديوية ترتب عليها زيادة عمارية سائر الثغور المصرية، لا سيما وقد