شرع فى آخر سنة سبع وثمانين ومائة وألف فى بناء مدرسته التى تجاه الجامع الأزهر، وكان محلها رباعا متخربة، فاشتراها من أربابها وهدمها، وأمر ببنائها على هذه الصفة، ورموا أساسها أوائل شهر الحجة - ختام السنة المذكورة، وانتهى أمرها فى شهر شعبان سنة ثمان وثمانين، فجاءت على «أرنيك» جامع السنانية الكائن بشاطئ النيل ببولاق، وجعل بظاهرها فسحة مفروشة بالرخام المرمر، وبوسطها حنفية، وبدائرها مساكن للصوفية الأتراك، وبداخلها جملة أخلية، وكذلك بدورها العلوى، وبأسفل ذلك ميضأة حولها عدة مراحيض، وأنشأ لذلك ساقية، فلما حفروها خرج ماؤها حلوا، وعد ذلك من سعده، وأنشأ أيضا بأسفل ذلك صهريجا وحوضا لسقى الدواب، وعمل بأعلى الميضأة أيضا ثلاثة أماكن لجلوس كل من الشيخ أحمد الدردير - مفتى المالكية - والشيخ عبد الرحمن العريشى - مفتى الحنفية - والشيخ حسن الكفراوى - مفتى الشافعية - حصة من النهار لإفادة الناس بعد إملاء الدروس، ووقف على ذلك أوقافا جمة. (انتهى).
(قلت): ولا يزال هذا الجامع عامرا إلى اليوم بعمارة الجامع الأزهر بدرس العلوم، ومطالعتها على الدوام، ويقرأ بقبته صباحا الأستاذ الفاضل العالم الكامل الشيخ محمد الانبابى، من أكابر علماء الشافعية - حفظه الله تعالى - وشعائره مقامة من أوقافه بنظر الديوان.
[زاوية جلال الدين البكرى]
وبقرب الجامع الأزهر عند مطبخ الشربة زاوية صغيرة تعرف بزاوية جلال الدين البكرى، بابها على الشارع، ولم يكن لها مطهرة ولا بئر، وإنما بها حوض يملأ بالقربة.
وبالقرب من مطبخ الشربة عن يمين السالك منه إلى جهة القرافة ضريح يعرف بضريح الشيخ حمودة. أنشأها جلال الدين البكرى، وأنشأ بجوارها صهريجا سنة ست وتسعين وتسعمائة.
وبالقرب منها دار السيد عمر مكرم - نقيب الأشراف سابقا - وهى دار كبيرة لها بابان؛ أحدهما بجوار باب الشربة، والثانى بجوار باب الجوهرية المقابل لزاوية العميان. وفى مقابلة هذا الباب سبيل متخرب وقف الشيخ خضر الجوسقى.
وبهذا الشارع ثلاث وكائل: الأولى وكالة فتوح بيك معدة لبيع الدهانات، وتحت نظر محمد الشناوى. الثانية وكالة وقف الدرندلى معدة لبيع الدهانات أيضا، وبأعلاها مساكن، ويتبعها سبيل، والناظر عليها محمد أفندى الدرندلى. الثالثة وكالة قايتباى تجاه باب الشوام، بأعلاها مساكن متخربة، وتربط بها الحمير، ونظرها للأوقاف.