للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تولية الملك المنصور بن المعز أيبك]

وولى الملك بعده ابنه السلطان الملك المنصور نور الدين على بن المعز أيبك وعمره خمس عشرة سنة ودبّر أمره نائب أبيه الأمير سيف الدين قطز ثم خلعه بعد سنتين، واستقل بالسلطنة ولقّب بالملك المظفر فأخرج المنصور بن المعز منفيا هو وأمه إلى بلاد الأشكرى وقبض على عدة من الأمراء، وسار إلى محاربة التتار فأوقع بمجموع هولاكو على عين جالوت سنة ثمان وخمسين وستمائة وقتل منهم وأسر كثيرا بعد أن كانوا قد ملكوا بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم بالله عبد الله، وأزالوا دولة بنى العباس وخربوا بغداد وديار بكر وحلب، ونازلوا دمشق فملكوها، فكانت هذه الواقعة أول هزيمة عرفت للتتار منذ قاموا. ودخل المظفر قطز إلى دمشق، وعاد منها يريد مصر فقتله الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى الصالحى بمنزلة الصالحية من مديرية الشرقية، وقام مقامه فى السلطنة وكانت مدة المظفر سنة إلا أياما.

***

[تولية الظاهر بيبرس البندقدارى]

وكان الملك الظاهر بيبرس البندقدارى من المماليك البحرية، فلما صارت مملكة مصر إليه فى سنة ثمان وخمسين وستمائة، كان أول ما بدأ به أن أبطل ما كان قطز أحدثه من المظالم عند سفره، وهو تصقيع الأملاك وتقويمها، وأخذ زكاة ثمنها فى كل سنة، وجباية دينار من كل إنسان. وأخذ ثلث الزكاة الأهلية. وكتب الظاهر بإبطال ذلك مسموحا.

وفى سنة تسع وخمسين وستمائة وصل إليه الإمام أبو العباس أحمد بن الخليفة الظاهر العباسى من بغداد. فتلقاه فى عساكره، وبالغ فى إكرامه، وأنزله بالقلعة، وانعقدت البيعة له بمحضر العلماء والأمراء، ولقّب بالإمام المستنصر، وكتب الظاهر إلى الأطراف بأخذ البيعة له، وإقامة الخطبة باسمه على المنابر، ونقشت السكة فى ديار مصر باسمه واسم الملك الظاهر.

وبالمستنصر هذا ابتدئت الخلافة العباسية بمصر من ذلك الحين، وتوالى الخلفاء من بعده إلى أن انتهت خلافتهم فى مدة الغورى حين التحاق مصر بالدولة العثمانية.

واهتم بيبرس بعمارة قلعة الروضة، فأعادها كما كانت، ورتّب فيها الحمدارية، وأعادها إلى ما كانت عليه من الحرمة، ورسم بأن تكون بيوتات جميع الأمراء واصطبلاتهم فيها، فكثرت فيها المبانى، وزادت بها العمارة، لكثرة ركوبه بحر النيل. واعتنائه بعمارة الشوانى