الباب، وجعل بابها على الشارع، وبها قبر الست عائشة المذكورة. ثم لما اختلّ نظامها جددها حضرة محمد أفندى مناو سنة ثمانين ومائتين وألف، ولها أوقاف تحت نظره، وشعائرها الآن مقامة، ويعمل بها للست عائشة مولد كل سنة.
وهذا الشارع أوله يعرف بقصبة رضوان، ووسطه يعرف بالخيمية، وآخره يعرف بالمغربلين وهذه حالته فى وقتنا هذا، وأما فى الأزمان القديمة فكان يعرف بخط الموازين.
[مطلب الدار القردمية]
وكان به من المبانى الشهيرة الدار القردمية، وهى باقية إلى اليوم بآخر قصبة رضوان تجاه المدرسة المحمودية، وشهرتها اليوم بدار الأمير رضوان بيك، لأنه كان سكنها، وهى تابعة للأوقاف إلا أنها متخرّبة.
قال المقريزى: الدار القردمية هى خارج باب زويلة بخط الموازين من الشارع المسلوك فيه إلى رأس المنجبية - أى عطفة الدالى حسين الآن - بناها الأمير ألجاى الناصرى - مملوك الناصر محمد بن قلاوون - وكان من أمره أنه ترقى فى الخدم السلطانية، حتى صار دوادار السلطان بغير إمرة رفيقا للأمير بهاء الدين أرسلان الدوادار، فلما مات بهاء الدين استقرّ مكانه بإمرة عشرة مدة ثلاث سنين، ثم أعطى إمرة طبلخاناه، وكان فقيها حنفيا يكتب الخط المليح، ونسخ بخطه القرآن الكريم فى ربعة، وكان عفيفا عن الفواحش، حليما لا يكاد يغضب مكبا على الاشتغال بالعلم، محبا لإنشاء الكتب، مواظبا على مجالسة أهل العلم. وبالغ فى إتقان عمارة هذه الدار، بحيث أنه أنفق على بوابتها خاصة مائة ألف درهم فضة، عنها يومئذ نحو الخمسة آلاف مثقال من الذهب. فلما تمّ بناؤها لم يتمتع بها غير قليل، ومرض فمات فى أوائل شهر رجب، وقيل رمضان، سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وهو كهل، فسكنها من بعده خوند عائشة خاتون المعروفة بالقردمية ابنة الملك الناصر محمد بن قلاوون زمانا، فعرفت بها.
وكانت هذه المرأة ممن يضرب بغناها وسعتها المثل، إلا أنها عمّرت طويلا، وتصرفت فى مالها تصرفا غير مرض، فتلف فى اللهو حتى صارت تعد من المساكين، وماتت فى الخامس من جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ومخدّتها من ليف، ثم سكن هذه الدار الأمير جمال الدين محمود بن على الأستادار مدّة، وأنشأ تجاهها مدرسته. (انتهى).