فلما كملت العمارة نزل السلطان لرؤيتها، وحضر سائر أمراء الدولة من أول النهار، وأقاموا بالقصر فى أكل وشرب ولهو. وفى آخر النهار أحضرت إليهم التشاريف السلطانية، وكذلك الخلع، وركبوا الخيول المحضرة إليهم من الإصطبل السلطانى، وساروا إلى منازلهم، وما زال هذا القصر باقيا إلى أن هدمه السلطان الملك الناصر حسن، وأنشأ موضعه مدرسته الموجودة الآن. (انتهى ملخصا).
(قلت): ومن فحوى ما تقدّم يفهم أن محل جامع السلطان حسن كان أوّلا إصطبل الأمير أيدغمش أمير أخور وإصطبل طاشتمر الساقى وإصطبل الحوق، فلما أقرّ الملك الناصر بعمل الثلاثة قصرين، واجتهد فى عمارتهما أمر أوّلا بإتمام قصر يلبغا اليحياوى فأتمّه، ولم يتم الثانى ولكن كانت أرضه وما بنى فوقها باقية تحت الإتمام، فجرت حوادث أوجبت عدم الإتمام. ثم لما رغب السلطان حسن بناء جامعه هدم القصر المبنى، وأضاف إليه ما لم يبن، وجعل فوق أرض الاثنين الجامع المذكور.
(قلت): وقد تكلم المقريزى على التقادم التى أهديت والتشاريف التى فرّقت على الأمراء يوم إتمام قصر يلبغا المذكور، وكانت شيئا كثيرا ليس هذا محل بيانه. (انظر خطط المقريزى).
[إصطبل قوصون]
وأما إصطبل قوصون المذكور فى ضمن ما تقدّم فمحلّه الآن الحوش المعروف بحوش بردق الذى اشترته والدة الخديو إسماعيل، وأنشأت فى قطعة من مساحته عدة منازل قبلى جامع السلطان حسن وخلف قراقول المنشية، وفتح فيه من جهته القبلية شارع يسلك منه من شارع السيوفية إلى المنشية.
(قلت): وقد أطال المقريزى فى ترجمة هذا الإصطبل وأطنب فى وصفه، فذكر أنه كان من الدور الجليلة وسكنه الأمير قوصون مدة حياة الملك الناصر محمد بن قلاوون.
وفى شهر رجب من سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة حدثت فتنة كبيرة بين الأمير قوصون وبين الأمراء وكبيرهم أيدغمش أمير أخور، فنادى أيدغمش فى العامة:«عليكم بإصطبل قوصون انهبوه». هذا وقوصون محصور بقلعة الجبل، فأقبلت العامة وانتهبت ما كان بركاب خاناته وحواصله، وكسروا الأبواب واحتملوا أكياس الذهب ونثروها فى الدهاليز والطرق، وظفروا بجواهر نفيسة وذخائر ملوكية وأمتعة جليلة القدر وأسلحة عظيمة، إلى غير ذلك مما أطال به المقريزى. (اه. ملخصا).