، وعدتها ثلاث عشرة مرحلة، وساعاته مائة واثنتان، وهى ألف وخمسمائة وثلاثون درجة من الينبع، وكان الرحيل منها فى سنة خمس وخمسين بعد العشاء بسبعين درجة فى الليلة المسفرة عن اليوم الرابع والعشرين من شهر ذى القعدة إلى مكة المشرفة، فمر على الدهناء وكانت السبخة ماطرة، فحصل للوفد بسبب ذلك مشقة وعناء، وغدى بآخر المحاطم من غير العادة بعد الدار المعتادة بعشرين درجة، فكان مسيره مائة وثلاثين درجة.
والدّهناء بلد سيدى الشيخ العارف بالله أحمد البدوى، وكانت قرية عامرة يسكنها بنو إبراهيم قديما، وكان بها بيوت ومساجد، وحدائق وأشجار، وعيون جارية حلوة، يتزود منها الحجاج عند مرورهم، فلما سعوا فى الأرض بالفساد، وبالغوا فى أذى وفد الله والعباد، وأكثروا من الشقاق والعناد، وكانوا عصبة مع الشريف بن سبع لأذى الوفد المصرى والشامى، واتفق لهم ما قدمنا ذكره حتى آل أمرهم إلى أن برز أمر السلطان الغورى بتجهيز العساكر لقطع دابرهم على يد الأمير خير بك أحد المقدمين، فقطعت رءوسهم وعملت مساطب، ثم عقب ذلك توالت المحن على تلك القرية فخربت، وغارت تلك العيون، وجفت تلك الأشجار، وصارت مثلا من الأمثال، وكانت أحرى بقوله ﷿: ﴿وَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾ (١).
وبالدهناء مشجر ومحاطب بكثرة، ينبغى أن يكون الدليل على يقظة فى مسيره وقت ضوء القمر، وفى بعض السنين يمر الركب