ملك الروم، وكان لهما معلم يقال له أرسانيون فسار المعلم من بلاد الروم إلى أرض مصر وعبر برية شيهات هذه، وترهب وأقام بها حتى مات، وكان فاضلا، وأتاه فى حياته ابنا الملك المذكوران وترهبا على يديه، فلما مات بعث أبوهما فبنى على اسمهما كنيسة برموس، وأبو موسى الأسود، كان لصا فاتكا قتل مائة نفس، ثم أنه تنصر وترهب، وصنف عدة كتب، وكان ممن يطوى الأربعين فى صومه وهو بربرى. انتهى.
وفى تاريخ بطارقة الإسكندرية، أنه كان بقرب دير البرموس كنيسة باسم أزيدور، وحقق كترمير إن البرموس اسم لجبل حجر النسر وموقعه بين صحراء سيتة وجبل النطرون، ودير بوبشاى الذى مر ذكره قد عمره بنيامين بطرك اليعاقبة، وعمر أيضا دير سيدة بوبشاى، على ما ذكره المقريزى عند الكلام على دخول قبط مصر فى دين النصرانية، وقال: إن بنيامين أقام فى البطركية تسعا وثلاثين سنة ملك الفرس منها عشر سنين، ثم قدم هرقل فقتل الفرس بمصر.
[مطلب كيفية دخول الفرس]
وكيفية دخول الفرس هذه الديار فى هذه المرة على ما ذكره المقريزى: هى أنه فى أيام (قوقا) ملك الروم بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر، فخربوا كنائس القدس وفلسطين وعامة بلاد الشام، وقتلوا النصارى بأجمعهم وأتوا إلى مصر فى طلبهم، فقتلوا منهم أمة كبيرة، وسبوا منهم سبيالا يدخل تحت حصر، وساعدهم اليهود على محاربة النصارى، وتخريب كنائسهم، وأقبلوا نحو الفرس من طبرية وجبل الجليل وقرية الناصرية ومدينة صور وبلاد الفرس، فنالوا من النصارى كل منال وأعظموا النكاية فيهم، وخربوا لهم كنيستين بالقدس، وحرقوا أماكنهم، وأخذوا قطعة من عود الصليب، وأسروا بطرك القدس، وكثيرا من أصحابه، ثم مضى كسرى بنفسه من العراق لغزو قسطنطينية تخت ملك الروم فحاصرها أربع عشرة سنة وفى أيام (قوقا) أقيم يوحنا بطرك الإسكندرية على الملكية فدبر أرض مصر كلها عشر سنين.