من الأفاضل، ومنشأ للعلماء الجهابذة الأماثل، ولو لم ينسب إليها إلا الجلال المحلى لكفاها فخرا.
[ترجمة الإمام الجلال المحلى]
وقد ترجمه الجلال السيوطى فى حسن المحاضرة فقال: هو محمد ابن محمد بن إبراهيم بن أحمد، ولد بمصر سنة إحدى وسبعمائة، واشتغل وبرع فى الفنون فقها وكلاما وأصولا ونحوا ومنطقا وغيرها. وأخذ عن البدر محمود الأقصرائى، والبرهان البيجورى، والشمس البساطى، والعلاء البخارى وغيرهم.
وكان علاّمة آية فى الذكاء والفهم، كان بعض أهل عصره يقول فيه: إن ذهنه يثقب ألماس، وكان هو يقول على نفسه: أنا فهمى لا يقبل الخطأ. ولم يكن يقدر على الحفظ، وحفظ كراسا من بعض الكتب فامتلأ بدنه حرارة.
وكان غرة هذا العصر فى سلوك طريق السلف على قدم من الصلاح والورع والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، يواجه بذلك أكابر الظلمة، والحكام يأتون إليه فلا يلتفت إليهم ولا يأذن لهم بالدخول عليه.
وكان عظيم الحدة جدا لا يراعى أحدا فى القول يوصى فى عقود المجالس على قضاة القضاة وغيرهم وهم يخضعون له ويهابونه ويرجعون إليه.
وظهرت له كرامات كثيرة، وعرض عليه القضاء الأكبر فامتنع، وولى تدريس الفقه بالمؤيدية والبرقوقية، وقرأ عليه جماعة. وكان قليل لإقراء يغلب عليه الملل والسآمة. وسمع الحديث من الشرف بن الكويك، وحدّث.
وكان متقشفا فى ملبوسه ومركوبه ويتكسّب بالتجارة. وألف كتبا تشد إليها الرحال فى غاية الاقتصار والتحرير والتنقيح وسلامة العبارة وحسن المزج والحل بدفع الإيراد. وقد أقبل عليها الناس وتلقوها بالقبول وتداولوها. منها:
«شرح جمع الجوامع فى الأصول»، و «شرح بردة المديح»، و «مناسك» و «كتاب فى الجهاد».