ومن حوادث هذه المدينة كما فى الجبرتى: وقعة كانت/بين أهلها وبين الفرنساوية سنة ألف ومائتين وأربع عشرة، وذلك أنه بعد وقعة المطرية كان العرب وقطاع الطريق قائمين بالإفساد فى الجهات القبلية والبحرية، حتى منعوا السبيل، وأكلوا الزروعات وسلبوا الأموال، وقامت البلاد بعضها على بعض، واستعان بعضهم بالعرب فدخلوا فيهم وتطاولوا وضربوا عليهم الضرائب وطالبوهم بالآثار والعوائد القديمة. ثم نزل الفرنسيس على البلاد وتعللوا على أهلها بمصادقتهم العرب والغز وطلبوا منهم الكلف الشاقة، واستعملوا فيهم الأذى، فكان الناس فى عذاب بين الفرنسيس والعرب، ومر طائفة من الفرنسيس على المحلة الكبرى فتعصب أهلها واجتمعوا عند قاضيها وخرجوا لحرب الفرنسيس فكمنوا لهم وضربوهم بالمدافع والبنادق فقتل من أهل المحلة ما ينيف عن ستمائة نفس، وقتل القاضى وفرّ من فرّ.
وفى رجب من سنة ثلاث وعشرين بعد المائتين والألف، نزل العزيز محمد على بهذه المدينة، وكان قد خرج من القاهرة فى نصف الشهر ليمر على مدن الوجه البحرى مثل: المنصورة، ودمياط، والمحلة، ورشيد، والإسكندرية للحث على جمع كلف الذخيرة، وكانت موزعة على قراريط البلاد كل قيراط سبعة آلاف وستمائة نصف فضة.
وفى هذه السفرة عرض له الروزنامجى عن البلاد المتأخرة عن السداد، وكانت مائة وستين بلدة فوزعها على أنجاله وأتباعه ودفعت على أهلها وكتبت تقاسيطها على الأسماء التى عينها وكذلك حصّل ببلاد الملتزمين المتضررين.
ولما حل بالمحلة صار قبض المفروض عليها وهو خمسون كيسا نقصت سبعة أكياس عجزوا عن تسديدها، وقدم له حاكمها ستين جملا وأربعين حصانا، خلاف الثياب المحلاوية مثل: الزردخانات، ومقاطع الحرير، وغير ذلك. انتهى.
ثم إن هذه المدينة على غاية من حسن الموقع وطيب الهواء تورث الطباع سلامة، والأذهان جودة. فإن للبقاع تأثيرا فى الطباع؛ فبذا كانت منبعا لكثير