ونصرهم نصرا عزيزا، وانهزمت التتار هزيمة/شنيعة وقتل منهم مقتلة عظيمة، حتى امتلأت الأرض من القتلى، وطمع المسلمون فيهم فجعلوا يتخطفونهم وينهبونهم ويأسرونهم وهم منهزمون مولون الأعقاب، وساق «بيبرس» وراءهم يقتل ويأسر حتى أخرجهم عن بلاد حلب والموصل وديار بكر إلى أن عدّوا الفرات، وجاء كتاب المظفر إلى دمشق بالنصر والظفر، فطار الناس فرحا وسرورا، ثم دخل إلى دمشق فى موكب عظيم، والناس تدعو له بطول البقاء، والنسوة تزغرد من كل جانب، وقد انتشرت فوق رأسه الأعلام وأحبه الخلق جميعا ومدحته الشعراء، فمن ذلك قول الشاعر:
غلب التتار على البلاد فجاءهم … من مصر تركى يجود بنفسه
بالشام أهلكهم وبدد شملهم … ولكل شئ آفة من جنسه
[[صفات التتار ونهجهم]]
والتتار أمة لغتهم مشوبة بلغة الهند لأنهم فى جوارهم، وهم بالنسبة إلى الترك عراض الوجوه واسعو الصدور خفاف الأعجاز صغار الأطراف، سمر الألوان سريعو الحركة فى الجسم والرأى، تصل اليهم أخبار الأمم ولا تصل أخبارهم إلى الأمم، وقلما يقدر جاسوس أن يتمكن منهم، لأن الغريب لا يشتبه بهم، وإذا أرادوا جهة كتموا أمرهم ونهضوا دفعة واحدة فلا يعلم أهل بلد حتى يدخلوه، ولا عسكر حتى يخالطوه، فلهذا تنسد على الناس طرق الحيل، ويضيق طريق الهرب، ونساؤهم يقاتلن معهم، والغالب على سلاحهم النشاب، وليس فى قتلهم استثناء ولا إبقاء، يقتلون الرجال والنساء والأطفال، وكان قصدهم إفناء العالم لا الملك والمال، وبلادهم بأطراف بلاد الصين، وهم سكان برار وقفار، ومشهورون بالشر والغدر. انتهى.
وفى خطط المقريزى أنه فى زمن السلطان الملك الظاهر أبى سعيد برقوق ابن أنصو، وسلطنة ابنه الملك الناصر زين الدين أبى السعادات فرج، كانت