رباطا ثم انثنى عزمه عن ذلك، فلما عزم على المسير إلى محاربة الأمير شيخ والأمير نوروز فى سنة أربع عشرة وثمانمائة نزل إليه الوزير الصاحب سعد الدين إبراهيم بن البشيرى، وقلع شبابيكه لتعمل آلات حرب. وهو الآن بغير رخام ولا شبابيك، قائم على أصوله، لا يكاد ينتفع به، إلا أن الأمير المشير بدر الدين حسن بن محمد الأستادار لما سكن فى بيت الأمير جمال الدين جعل ساحة هذا القصر إصطبلا لخيوله، وصار يحبس فى هذا القصر من يصادره أحيانا. وفى سنة عشرين وثمانمائة شرع فى عمل هذا القصر سجنا، وأزيل كثير من معالمه، ثم ترك على ما بقى فيه ولم يتخذ سجنا. (اه. ملخصا).
[المدرسة الحجازية]
وأما المدرسة الحجازية فهى الجامع الموجود إلى الآن بهذا الاسم فى أول الشارع عن يمين السالك من الشارع إلى المحكمة، أنشأتها الست خوند تتر الحجازية - المتقدم ذكرها - سنة إحدى وستين وسبعمائة، وبها قبرها. وكانت أول أمرها مدرسة، ثم ترك منها التدريس، وبقيت لمجرد الصلاة. شعائرها مقامة للآن.
وكان القصر بجوارها، وكانت مساحته عشرة أفدنة بفدان ذاك الوقت - وقدره خمسة آلاف وتسعمائة وخمسة وعشرون مترا مربعا - فتكون مساحة هذا القصر تسعة وخمسين ألف متر ومائتين وخمسين مترا، وذلك يستوجب أن القصر كان ممتدا إلى بيت القاضى الآن، وأن جميع الأماكن التى عن يمنة السالك إلى بيت القاضى وكذا عطفة القفاصين التى هناك بما فيها من البيوت وغيرها كان داخلا فى هذه المساحة. وعند فتح شارع المحكمة الجديد الآتى من شارع النحاسين وهدم الأماكن التى كانت هناك ظهر من آثار هذا القصر سور كبير مبنى بأحجار ضخمة، عبارة عن حائطين سمك الواحدة أربعة أمتار وبينهما فضاء مشغول بقناطر تربط الحائطين بسعة أربعة أمتار أيضا، فكان السّمك جميعه عبارة عن اثنى عشر مترا.
وقد أخذ من هذه الأحجار فى بناء القراقول المستجد بجوار المشهد الزينبى، وفى عمارة مجلس الأحكام الذى بجوار بيت القاضى، وبقى إلى الآن جملة من هذه الأحجار.
هذا وصف شارع المحكمة بما فيه من العطف والدروب والحارات وغير ذلك قديما وحديثا.