ثم بعد ضريح سيدى محمد أبى النور قنطرة ثابت باشا، عرفت به لأنه هو الذى أنشأها ليمر عليها إلى داره التى هناك بشاطئ الخليج الغربى، وهى دار كبيرة فيها حديقة متسعة، وقد اشتراها الميرى الآن وجعل بها المحكمة الابتدائية المستجدة.
[[سراى الأمير منصور]]
وبه من جهة اليسار سراى الأمير منصور باشا، وهى من المبانى الهائلة. كان أصلها عدة بيوت وعطف وحارات أخذت جميعها وهدمت وبنيت على هذه الصورة، ومن ضمن ما دخل فيها سراى الأمير حسن باشا الطويل، وكانت عظيمة الاتساع صرف عليها مبلغا من النقود وأدخل فيها عدة بيوت، وبعد موته آلت إلى ابنته التى تزوجها فؤاد بيك بن حسن باشا الإسلامبولى، وسافرت معه إلى الآستانة العلية، فأقامت هناك مدة ثم عادت إلى مصر بأولادها بسبب أمور وقعت لها من زوجها، فاشترى منها الخديو إسماعيل هذه السراى، ثم اشترى الدور المجاورة لها من الجهة القبلية والبحرية، وهدم الجميع وأنشأه دارا واحدة برسم كريمته حرم الأمير منصور باشا، وعمل بداخلها بستانا عظيما فى جهتها البحرية، وأحدث من أجلها الميدان الموجود الآن محل جامع إسكندر باشا وملحقاته من السبيل والتكية والمنازل والدكاكين الموقوفة على ذلك، وكذلك جميع الأماكن التى كانت على الخليج تجاه السراية المذكورة مما كان لغير الأوقاف أخذ بثمنه من أربابه بعد تثمينه من أهل الخبرة، وجعل الجميع ميدانا كما هو الآن.
وقد بلغ مجموع تكاليف هذه العمارة من مشترى أملاك وهدم ونقل أتربة وبناء ومؤن وأجر وغير ذلك ما يزيد على مائتى ألف جنيه مصرى، ومع كل ذلك جاءت عمارة خالية من الحسن مجردة عن الانتظام ليس لهيئتها رونق مثل غيرها من العمارات الجسيمة.
ثم لما حصلت الحوادث بعد سنة ست وتسعين ومائتين وألف وخرج الخديو إسماعيل من الديار المصرية لم تتمكن صاحبتها من الإقامة بها لكثرة ما يلزمها من المصاريف، فتركتها وسكنت بالقصر الذى اشترته من الميرى الكائن بقرب ديوان المالية الآن الذى كان أصله بيت الأمير إسماعيل صديق باشا، وبقيت تلك السراية خالية من السكان لا يمكن بيعها لقلة من يرغب فى شرائها لخروجها عن الحد فى الاتساع، ولا يمكن تأجيرها للسكنى إلا إذا جعلت