وهذا الجامع باق على معالمه المشروحة إلى الآن وشعائره مقامة على الوجه الأكمل، وأوقافه كثيرة تحت يد ناظره أبى الوفاء السيد عبد الخالق السادات فرع هذه الشجرة الطيبة الوفائية، ويعمل به كل ليلة جمعة حضرة جامعة وكل سنة فى شعبان مولد حافل، ثم ان لهؤلاء السادات فضلا تليدا وعزا قديما وجديدا فهم غنيون عن التعريف فائقون على كل شريف، ينتهى نسبهم إلى سيدنا الحسن بن الإمام على ﵃ كما تقدم بيانه. وأكبرهم شهرة وجلالا وأوفرهم حرمة وأحوالا: سيدى محمد وفا ﵁ ابن سيدى محمد بن محمد.
[ترجمة سيدى محمد وفا]
قال الشعرانى فى طبقاته: كان سيدى محمد وفا من أكابر العارفين وأخبر ولده سيدى على أنه هو خاتم الأولياء صاحب الرتبة العلية وكان أميّا وله لسان غريب فى علوم القوم، وله مؤلفات كثيرة حتى فى صباه نظما ونثرا منها: كتاب العروس وكتاب الشعائر وديوان عظيم، وله رموز مطلسمة لم يفك أحد معناها فيما نعلم وسمى وفالأن بحر النيل توقف فى أوان الوفاء فعزم أهل مصر على الرحيل فجاء إلى البحر وقال:
اطلع بإذن الله تعالى فطلع سبعة عشر ذراعا وأوفى فسمى وفا.
وسئل ولده سيدى على أن يشرح تائيته فقال: لا أعرف مراده لأنه لسان أعجمى على أمثالنا.
ومن كلامه ﵁ فى كتاب فصول الحقائق: أعوذ بالله من شياطين الخلق والكون وأبالسة العلم والجهل وأغيار المعرفة والنكرة، اللهم إنى أعوذ بك وبسبق قدمك من شر حدودك وبظلمة ذاتك من نور صفاتك، وبقوة سلوبك من ضعف إيجادك وبظلمة عدمك من نور تأثيراتك، وأعدنى اللهم بك منك فى كل شئ بكل ذلك كذلك من وجه العلم ولا كيف كذلك من حيث العقل، ولا بذلك من جهة قصد النفس ولا كذلك من حيث تصّور الفهم أعوذ بك من كل ذلك كذلك من حيث إنه كذلك لا من حيث إنك ولى ذلك.
اللهم أغنى بديموميتك عن بقاء آلائك وبإحاطة وجودك عن تصوّر الواحد والأحد، وبقيومية قيامك عن استقامة تقويم المدد وغيبتى فى ظلمة ذاتك التى تعجز فيها الأبصار والبصائر، وتستجيل فيها معارف العقول الإلهية ذات الأسرار والسرائر، وأستغفرك بلسان الحق لا بلسان الوقاية والنظر بعين التلاشى لا بعين الرعاية، والجذب بسر العدم لا بقوة الهداية، والتلاشى بنفى الرسم لا برسوم الولاية،