ومن ذلك يعلم أن كلمة الرومانيين كانت بلغت عند المصريين حد الاعتبار. وكانوا تداخلوا فى أمور بيت ملك المصريين، حتى كان يحتمى بهم، ويمتثل رأيهم.
ولصغر سن بطليموس أقاموا له وليا، وكانت الأمور فى اضطراب، فنتج من ذلك أن صاحب الشام اهتم فى أن يسترد البلاد التى كانت بطالسة مصر اغتصبتها منه، فرأى أنه إن زوّج ابنته لبطليموس الخامس، جمع بين العائلتين ووصل لمرغوبه، ففعل ولكن خاب ظنه؛ فإن كليوباترا-بنته-فضلت زوجها عليه، ولم تساعده على قصده، ومع ذلك لم تتحصل على شكر صنيعها من زوجها، بل تمادى على الفجور، والفسق، واللهو واللعب، إلى أن قتل مربيه ووزيره (أرسومين) بالسم، وكان مربيه-هذا-شريفا فى قومه فاضلا.
ومن شدة قسوته وتجبره قامت الأهالى فى حياته مرارا، وطفئت نار الفتن جميعها بواسطة رئيس جيوشه. وأخيرا اتفقت جماعة من رجال الدولة فقتلوه وخلصوا الملك من شره سنة ١٨٠ قبل الميلاد.
وأعقب من زوجته ولدين وهما (فلومطور)(وفسكون) وكان عمر الأول-حين مات أبوه-سبع سنين فاختارته الأهالى، وجعلت أمر السلطنة موكولا إليه.
[مطلب بطليموس السادس]
وكان بطليموس السادس لا يحب أمه، لميلها لأخيه مدة ملكه، ولذا لقب بلقبه الذى معناه: محب الأم. وفى صغره استحوذ ملك الشام على بلاد فلسطين وغيرها من بلاده.
ولما تملك مقاليد الملك جرّد عليه وحاربه، فلم ينصر عليه وأخذ أسيرا، وتغلب ملك الشام على قلعة الطينة، ودخل مصر فقام أهل الإسكندرية وجعلوا عليهم (فسكون) ملكا، فلم يحاربه ملك الشام، وخلى سبيل بطليموس (فليوباتور) من الأسر، وسلمه جميع البلاد-التى كان أخذها منه-سوى قلعة الطينة، فإنه حفظها ليكون بسببها واقفا على حقيقة ما يصير بأرض مصر، وما يقع بين الأخوين، وينتهز فرصة عداوتهما لبعض.