فى المقريزى منية الشيرج، ويقال لها منية الأمراء ومنية الأمير، بليدة فيها أسواق على فرسخ من القاهرة فى طريق الإسكندرية، وذكر الشريف محمد ابن أسعد الجوائى النسابة إن قتلى أهل الشام الذين قتلوا فى وقعة الخندق بين مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن جحدم - أمير مصر - فى سنة خمس وستين من الهجرة، دفنوا حيث موضع منية الشيرج هذه، وكانوا نحوا من الثمانمائة.
وقال ابن عبد الظاهر: منية الأمراء من الحبس الجيوشى الشرقى الذى كان حبسه أمير الجيوش، ثم ارتجع، وفى كل سنة يأكل البحر منها جانبا ويجدد جامعها ودورها، حتى صار جامعها القديم ودورها فى بر الجيزة، وغلب البحر عليها.
وهذه المنية من أحاسن منتزهات القاهرة، وكانت قد كثرت العمائر بها، واتخذها الناس منزل قصف، ودار لعب ولهو ومغنى صبابات، وفيها كان يعمل عيد الشهيد، وبها سوق فى كل يوم أحد يباع فيه البقر والغنم والغلال، وهو من أسواق مصر المشهورة، وأكثر من كان يسكن بها النصارى، وكانت تعرف بعصر الخمر وبيعه.
حتى أنه لما عظمت زيادة ماء النيل فى سنة ثمانى عشرة وسبعمائة وكانت الغرقة المشهورة، وغرقت شبرا والمنية، تلف فيها من جرار الخمر ما ينيف على ثمانين ألف جرة مملؤة بالخمر، وباع نصرانى واحد مرة فى يوم عيد الشهيد بها خمرا بإثنى عشر ألف درهم فضة عنها يومئذ نحو الستمائة دينار، وكسر منها الأمير يلبغا السالمى فى صفر سنة ثلاث وثمانمائة ما ينيف على أربعين ألف جرة مملؤة بالخمر، وما برحت تغرق فى النيل الزائد عن المعتاد إلى أن عمل الملك الناصر محمد بن قلاوون فى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة الجسر من بولاق إلى المنية، فأمن أهلها من الغرق.