للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دولة المماليك البحرية]

قد عرفت أن القاهرة كانت قد اتسعت فى آخر دولة الفاطميين، وأنشئ فى خارجها عمائر وبساتين كثيرة من كل جهة، وأن الفسطاط كان قد تخرب أكثره، إلا ما جاوز النيل وما حول الجامع العتيق، وكذا جبل يشكر والكبش والعسكر والقطائع فقد كان فيها بعض عمائر. والذى تخرب بالمرة خرابا كليا هو ما كان جهة الرصد، وبركة الحبش، وما قارب الإمام الشافعى وأبى السعود الجارحى .

ولما صارت مصر إلى الدولة الأيوبية ازدادت العمارة فى داخل القاهرة وخارجها من جهاتها الأربع، خصوصا الدرب الأحمر، وشارع قصبة رضوان، والصليبة، وساحل مصر العتيقة، إلى دير الطين، إلى آخر ما قدمنا.

ولما زالت دولة بنى أيوب، وخلفتها دولة المماليك البحرية اجتهد أكثرهم فى توسيع نطاق العمارة أيضا فى مصر والقاهرة، كما سنورده فى محله إن شاء الله تعالى.

وإنما سمّوا بالمماليك البحرية لأنهم فى الأصل مماليك الصالح نجم الدين أيوب، كانوا معه مدة سجنه بالكرك، وبقوا معه حتى خلص من السجن سابع عشر شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وستمائة. فلما ملك مصر دعاه لهم ثباتهم معه حين تفرّق عنه الأكراد، وأكثر من شرائهم، وجعلهم أمراء دولته وبطانته المختصين بدهليزه إذا سافر، وأسكنهم معه فى قلعة الروضة، وسماهم البحرية من أجل ذلك. وكانوا نحو الألف، كلهم أتراك.

***

[مطلب أول من تسلطن من المماليك البحرية]

وأول من تسلطن منهم الملك المعز عز الدين أيبك الجاشنكير التركمانى الصالحى سنة ثمان وأربعين وستمائة بعد زواجه من شجرة الدر، وحدث من الفتن ما ترتب عليه اجتماع رأى