الحريق والنهب فى الدار، وخرجت العساكر الانكشارية وبأيديهم السيوف المسلولة، ومعهم ما خطفوه ونهبوه، فانزعجت الناس وأغلقوا الأسواق والدكاكين، وهربوا إلى الدور، وهم لا يعلمون ما الخبر، ثم بعد ساعة شاع الخبر وشق الوالى والأغا، ونادوا بالأمان حسبما رسم أحمد باشا، كل ذلك والنهب والحريق جار فى بيت طاهر باشا، وفرج الله عن المعتقلين والمحبوسين على المغارم والمصادرات، وبقيت جثته مرمية لم يلتفت إليها أحد، ولم يجسر أحد من أتباعه على الدخول إلى البيت وإخراجها ودفنها، وزالت دولته وانقضت سلطته فى لحظة ولو طال عمره زيادة على ذلك لأهلك الحرث والنسل.
وكان أسمر اللون، نحيف البدن، أسود اللحية، قليل الكلام بالتركى، فضلا عن العربى وكانت تغلب عليه لغة الأرنؤدية، وفيه هوس وانسلاب، وميل إلى المساليب والمجاذيب والدراويش، وعمل له خلوة بالشيخوتية، وكان يبيت بها كثيرا، ويصعد مع الشيخ عبد الله الكردى إلى السطح فى الليل يذكر معه، ثم سكن هناك بحريمه، وكان يجتمع عنده أشكال مختلفة الصور، فيذكر معهم ويجالسهم، ولما رأوا منه ذلك خرج الكثير من الأوباش، وتزيا بما سولت له نفسه وشيطانه، ولبس طرطورا طويلا ودلقا، وعلق له جلاجل، وجعل له طبلة يدق عليها، ويصرخ ويزعق ويتكلم بكلمات مستهجنة، وألفاظ موهمة أنه من أرباب الأحوال ونحو ذلك، ولم يتعرض له أحد.
ولما قتل المترجم أقام مرميا إلى ثانى يوم لم يدفن، ثم دفنوه من غير رأس، بقبة عند بركة الفيل، وأخذ بعض الينكجرية رأسه وذهب به ليوصله إلى محمد باشا، فلحقهم جماعة من الأرنؤد فقتلوهم، وأخذوا الرأس منهم، ورجعوا به ودفنوه مع جثته، ولما نهبوا بيته نهبوا ما جاوره من الدور، من الحبانية إلى ضلع السمكة، إلى درب الجماميز.
[ترجمة أمير أحمد باشا طاهر]
وأما الأمير أحمد باشا طاهر، فهو-كما فى الجبرتى أيضا-الصدر المعظم، والدستور المكرم، الوزير أحمد طاهر باشا، ويقال إنه ابن أخت محمد على باشا، وكان ناظرا على ديوان الكمارك ببولاق، وعلى الخمامير ومصارفه من ذلك، وشرع فى عمارة داره، التى بالأزبكية بجوار بيت الشرايبى، تجاه جامع أزبك على طرف الميرى، وهى فى الأصل بيت